نفسها اختلافًا، فقال بعضهم: الفلسفة إتيان الحكمة. وقال بعضهم: الفلسفة معرفة طبيعية لجميع الأشياء الموجودة. وقال آخرون: الفلسفة معرفة الأشياء الموجودة الإلهية، ويعنون المدركة عقلًا، ومعرفة الأشياء الإنسية، يعنون الأشياء المدركة بالحواس. وقال بعضهم: الفلسفة معاناة الموت، أي تعاطي الموت، يعني إماتة الشهوات، وهذا زعموا حد أفلاطن. وقال آخرون: الفلسفة الاقتداء بالباري حسب طاقة المخلوق. وقال ارسطاطاليس: الفلسفة صناعة الصناعات وعلامة العلوم. أفلا تراهم كيف قد اختلفوا هذا الاختلاف، وليس فيه تناقض لأن كل واحد منهم قصد إلى طريقٍ ما فحدها منه، وإنما ذكرنا هذه الألفاظ في تحديد/ الفلسفة ها هنا وليس من أوضاع النحو لأن هذه المسألة تجيب عنها من يتعاطى المنطق وينظر فيه. فلم نجد بدًا من مخاطبتهم من حيث يعقلون، وتفهيمم من حيث يفهمون. فكذلك يقول النحويون لهم أيضًا في تحديد الاسم والفعل والحرف، كأن لكل فريق منهم غرضًا في تحديده وقصده. فمنهم من أراد التقريب على المبتدئ، فحدها من جهة تقرب عليه. ومنهم من أراد حصر أكثرها، فأتى به. ومنهم من طلب الغاية القصوى والحد على الحقيقة، فحدها على الحقيقة على ما ذكرنا. وليس في شيء مما أتوا به ما يخرج عما ذكرناه. وذلك بين في كلامهم لمن تدبره. وهو نظير ما تقدم ذكره من تحديد الفلسفة.
1 / 47