"إن العرب نطقت على سجيتها وطباعها. وعرفت مواقع كلامها، وقام في عقولها علله، وإن لم يُنقل ذلك عنها، واعتللت أنا بما عندي أنه علة لما عللته منه. فإن أكن أصبت العلة فهو الذي التمست. وإن تكن هناك علة له فمثلي في ذلك مثل رجل حكيم دخل دارًا محكمة البناء؛ عجيبة النظم والأقسام؛ وقد صحت عنده حكمة بانيها، بالخبر الصادق أو بالبراهين الواضحة والحجج اللائحة، فكلما وقف هذا الرجل في الدار على شيء منها قال: إنما فعل هذا هكذا لعلة كذا وكذا، ولسبب كذا وكذا. سنحت له وخطرت بباله محتملة لذلك، فجائز أن يكون الحكيم الباني للدار فعل ذلك للعلة التي ذكرها هذا الذي دخل الدار، وجائز أن يكون فعله لغير تلك العلة، إلا أن ذلك مما ذكره هذا الرجل محتمل أن يكون علة لذلك. فإن سنح لغيري علة لما عللته من النحو هو أليق مما ذكرته بالمعاول فليأت بها". وهذا كلام مستقيم، وإنصاف من الخليل رحمة الله عليه.
وعلى هذه الأوجه الثلاثة مدار علل النحو، فاعرف ذلك إن شاء الله.
1 / 66