279

وجواب الشرط قوله: {فقد اهتدوا}، وليس الجواب محذوفا، كهو في قوله: {وإن يكذبوك فقد كذبت رسل}(فاطر: 4).

{صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة} وقرأ الجمهور: صبغة الله بالنصب، ومن قرأ برفع ملة، قرأ برفع صبغة، قاله الطبري. وقد تقدم أن تلك قراءة الأعرج وابن أبي عبلة. فأما النصب، فوجه على أوجه، أظهرها أنه منصوب انتصاب المصدر المؤكد عن قوله: {قولوا آمنا بالله}.

وقيل: عن قوله: {ونحن له مسلمون. وقيل: عن قوله: فقد اهتدوا وقيل: هو نصب على الإغراء، أي الزموا صبغة الله. وقيل: بدل من قوله: ملة إبراهيم، أما الإغراء فتنافره آخر الآية وهو قوله: ونحن له عابدون، إلا إن قدر هناك قول، وهو إضمار، لا حاجة تدعو إليه، ولا دليل من الكلام عليه. وأما البدل، فهو بعيد، وقد طال بين المبدل ومنه والبدل بجمل، ومثل ذلك لا يجوز. والأحسن أن يكون منتصبا انتصاب المصدر المؤكد عن قوله: قولوا آمنا.

ونظير نصب هذا المصدر نصب قوله: {صنع الله الذي أتقن كل شيء}(النمل: 88)، إذ قبله: وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب}(النمل: 88)، معناه: صنع الله ذلك صنعه، وإنما جيء بلفظ الصبغة على طريق المشاكلة، كما تقول لرجل يغرس الأشجار: اغرس كما يغرس فلان، يريد رجلا يصطنع الكرم. وأما قراءة الرفع، فذلك خبر مبتدأ محذوف، أي ذلك الإيمان صبغة الله.

{ومن أحسن من الله صبغة}: وانتصاب صبغة هنا على التمييز، وهو من التمييز المنقول من المبتدأ. وقد ذكرنا أن ذلك غريب، أعني نص النحويين على أن من التمييز المنقول تمييزا نقل من المبتدأ، والتقدير: ومن صبغته أحسن من صبغة الله. فالتفضيل إنما يجري بين الصبغتين، لا بين الصابغين.

Halaman 303