(والمرتبه الثانيه : التاويل، وهو مقام خطر) الا ما كان على نحو المثال المتقدم، وانما تكمن خطوره التاويل في الافراط فيه الى حد التعطيل.
(والمرتبه الثالثه : القول فيه بمقتضى الحس، وقد عم جهله الناقلين، اذ ليس لهم حظ من علوم المعقولات التى يعرف بها ما يجوز على الله تعالى، وما يستحيل، فان علم المعقولات يصرف ظواهر المنقولات عن التشبيه، فاذا عدموها تصرفوا في النقل بمقتضى الحس).
وهذا وصف دقيق لمذهب ابن تيميه، فهو وان كان له حظ من المعقولات، الا انه عطل هذا الحظ هنا تماما عندما جزم بوجوب عدم تدخل المعقولات في شيء من الايات والاحاديث الداله على الصفات، ولزوم اجرائها بحسب ظاهرها وبمقتضى الحس، كما صنع (جهله الناقلين) بحسب عباره ابن الجوزى الامام الحنبلى، او كما صنع (جهله المجسمين) بعباره ابن عطيه صاحب ارجح التفاسير كما تقدم ذكره قبل قليل.
وبعد، فدعوى التمسك بقول السلف من الصحابه والتابعين وتابعيهم، اين ذهبت به عن امام علماء السلف بلا منازع: على بن ابى طالب (ع)؟!.
فهلا وقف على شيء من كلامه؟! وهو اول من تكلم في هذا الباب منهم واكثرهم كلاما فيه، تكلم وكانه يعلم كيف ستفترق المذاهب بعده، فاوصد عليهم ابواب التوهم والاختلاف، وجعل على حافه كل شبهه طرات بعده جوابا محكما، بكلام جلى وبيان فصيح، فما كان احوجهم اليه!.
فمن كلامه (ع) في التوحيد:
(ما وحده من كيفه، ولا حقيقته اصاب من مثله، ولا اياه عنى من شبهه..
فاعل لا باضطراب آله، مقدر لا بجول فكره..
لا يشمل بحد، ولا يحسب بعد، وانما تحد الادوات انفسها..
ولايجرى عليه السكون والحركه، وكيف يجرى عليه ما هو اجراه، ويعود فيه ما هو ابداه، ويحدث فيه ما هو احدثه؟! اذا لتفاوتت ذاته ولتجزا كنهه ولامتنع من الازل معناه! ولكان له وراء اذا وجد له امام!! واذا لقامت آيه المصنوع فيه..
لا تناله الاوهام فتقدره، ولا تتوهمه الفطن فتصوره..
Halaman 73