وهي التي سفرت ولم تتبرقع
وصلت على كره إليك وربما
كرهت فراقك وهي ذات تفجع
وجملة القول إن ابن سينا يقول بالنفس الفردية وبقائها بعد فراق الجسد على نحو مما يقول به أستاذه الفارابي، خلافا لأتباع أرسطو الذين لا يعرفون للنفس الإنسانية وجودا مستقلا بعد الحياة، ولا بعث بعد الموت إلا للنفس الإنسانية التي لها استعداد للخطاب. أما النفوس التي ملكتها القوة الغضبية والقوة الشهوانية فحكمها حكم الحيوان «ومن عدم فيضه فلا بعث بعد الموت فإذا مات فكينونته قد ماتت وسعادته قد فاتت، وثوابه في العالم الأدنى حصول آماله، ولا ثواب له في العالم الأعلى.»
الخير والشر
ويجوز لنا أن نلخص مذهبه في الخير والشر بأنه «ليس في الإمكان أبدع مما كان» وهو كذلك قريب من كلام الفارابي في هذا الموضوع.
فليس في وسعنا أن نتصور العالم الذي نحن فيه خيرا محضا وكمالا محضا، لأنه لو كان كذلك لما كان عالمنا هذا ولا كان فيه محل لممكنات الوجود ولا للفوارق بين الأشياء.
وليس في وسعنا أن نتصوره شرا محضا ونقصا محضا، لأنه لو كان كذلك لكان عدما أو قائما على الفساد، ولا يقوم كون على فساد.
فلم يبق إلا أن نتصوره عالما يراد فيه الخير قصدا وأصلا ويأتي فيه الشر عرضا لضرورة يقتضيها الخير.
وهكذا العالم الذي نحن فيه.
Halaman tidak diketahui