وأخرجه ابن أبي الدنيا في "الهواتف" عن أبي بُردة، عن أبي موسى، قال: خرجنا غازين في البحر، فبينما نحن نسير بريحٍ طيِّبة إذ سمعنا مناديا ينادي: يا أهل السفينة! قفوا أخبرْكم حتى والى بين سبعة أصوات، قال: فقام أبو موسى على صدر السفينة فقال: من أنت؟ ومن أين أنت؟ ألا ترى أين نحن؟ وهل نستطيع وقوفًا؟ فأجابه الصوت: ألا أخبركم بقضاء قضاه الله ﷿ على نفسه؟ فقال: بلى، قال: إن الله ﷿ قضى على نفسه أنه من عطَّش نفسه لله ﷿ في يوم حار، كان حقًا على الله ﷿ أن يرويَه يوم القيامة.
قال: وكان أبو موسى رضي الله تعالى عنه يتوخى اليوم الشديد الحر الذي يكاد الإنسان أن ينسلخ حرًا فيصومه (١).
وفيه عن عبد الواحد بن الخطَّاب قال: أقبلنا قافلين من بلاد الروم نريد البصرة حتى إذا كنَّا بين الرصافة وحِمْص سمعنا صائحًا يصيح بين تلك الرمال - سمعته الآذان، ولم تره الأعين - يقول: يا مستور! يا محفوظ! اعقل في ستر مَنْ أنتَ، فإن كنت لا تعقل في ستر من أنت فاتق الدُّنيا؛ فإنها حمى الله ﷿، فإن كنت لا تتقيها فاجعلها شَرَكًا، ثم انظر أين تضع قدميك منها (٢).
وأخبار الهواتف في الأمر بالمعروف كثيرة، وأقرب ما تحمل على
(١) رواه ابن أبي الدنيا في "الهواتف" (ص: ٢٣).
(٢) رواه ابن أبي الدنيا في "الهواتف" (ص: ٢٩).