والشهداء والصالحين، بأي عمل عملته، بأي شهوة تركتها، بأي غيظ كتمته، بأي رحم قاطعة وصلتها، بأي زلة لأخيك غفرتها، بأي قريب باعدته في الله، بأي بعيد قربته في الله! (١).
فالجواب عن ذلك: أن المحب لقوم لا يخلو حاله إما أن يكون موافقًا لهم في كل أعمالهم، وأخلاقهم بحسب إمكانه، أو مخالفًا لهم في كلها، أو مخالفًا في البعض، موافقًا في البعض.
فإن كان موافقًا لهم في كل أعمالهم، وأخلاقهم فهذا منهم ومعهم بلا شك؛ لأن محبته إياهم أدت به إلى اتصافه بكل أوصافهم، وتشبهه بهم في كل أحوالهم، فقد بلغ أعلى طبقات المحبة، فكيف لا يكون منهم!
وهذا - أعني: المشابهة بالقوم في كل أحوال القوم - أعظم شيء يلحقه بهم.
ولقد أحسن القائل: [من المتقارب]
إِذا أَعْجَبَتْكَ خِصالُ امْرِئ ... فَكُنْهُ يَكُنْ فِيْكَ ما يُعْجِبُكْ
فَلَيْسَ عَلَىْ الْمَجْدِ وَالْمَكْرُما ... تِ إِنْ رُمْتَها حاجِبٌ يَحْجُبُكْ (٢)