والصمت فاعلم بك حقا أزين ... إن لم يكن عندك علم متقن
إياك والعجب بفضل رأيكا ... واحذر جواب القول من خطائكا
كم من جواب أعقب الندامة ... فاغتنم الصمت مع السلامة " (١)
ومن جميل ما قيل من أبيات في حسن السمت والتزام الصمت وفضله، وما يضيفهما من وقار وهيبة على المتحلي بهما، تلك الأبيات التي انتقيتها حتى تثري وتؤكد على ما ذكرت من فضيلة حسن السمت والصمت نفعني الله وإياكم بهذه الأبيات وجعلنا من متخذي السمت الجميل سمة لنا، وممن يؤثرون الصمت على كثرة الكلام دون فائدة ودون علم آمين آمين، يقول الشاعر عبد اللطيف بن علي فتح الله (٢) مفتخرًا بأن حسن السمت من الصفات التي تحلى بها كل فرد في عائلته، وذيوع ذلك بين الناس، يقول:
حسن السمت شاع فينا ... مثل مسك وعنبر ثم عود
* ويقول أيضًا خليل مطران مادحًا حسن السمت:
السجية في كل نبيل مرآتها الهندام
*ويقول الشافعي ﵀ مرجحًا الصمت عن الجاهل والأحمق عن الدخول معهم في مشادة كلامية، وقديمًا قالوا: إذا أنت ناظرت العالم غلبته وإن ناظرت الجاهل غلبك ليس بعلمه وإنما بجهله، أما العالم فمناظرته ستعتمد على المنطق والعلم فمن السهل إن كنت على حق أن تقنعه بما تعلم يقول الشافعي:
قالوا سكت وقد خوصمت قلت لهم ... إن الجواب لباب الشر مفتاح
والصمت عن جاهل أو أحمق شرف ... وفيه أيضًا لصون العرض إصلاح
أما ترى الأُسُد تُخْشَى وهي صامتة؟ ... والكلب يخسى (٣) لعمري وهو نبَّاح
_________
(١) "جامع بيان العلم وفضله " ابن عبد البر القرطبي، (١/ ١٤٦ - ١٤٧)، ط: دار الكتب العلمية بيروت - لبنان، د ت
(٢) أديب من بيروت تولى القضاء والإفتاء توفي سنة ١٢٦٠هـ - ١٨٤٤م وديوانه مطبوع.
(٣) يخسى: يرمى بالحجارة.
1 / 26