فموضع لنا خفض على مذهب الخليل، لأنها في موضع الصفة لجيران، وهو في موضع نصب على مذهب أبي العباس؛ لأنه في موضع خبر كان.
وأنشد أبو القاسم في هذا الباب:
إِذَا مِتُّ كانَ الناسُ صِنفانِ شامتٌ ... وآخر مُثْنٍ بالذِي كنت أَصْنَعُ
هذا البيت للعجير السلولي، ينسب إلى بني سلول، وهو حي من أحياء العرب.
وعجير: اسم منقول، ويحتمل أن يكون تصغير عجر، من قولهم: عجر عنقه، إذا لواها، ويحتمل أن يكون مصغرًا مرخمًا من أعجر وهو الناتئ السرة.
وأما سلول: فاسم مرتجل غير منقول.
ويروى: مِت ومُت بكسر الميم وضمها.
ويروى: صنفان وصنفين ونصفين فمن رفع أضمر في كان الأمر والشأن، والناس صنفان: مبتدأ وخبر، في موضع خبر كان ومن نصب جعل الناس اسم كان، وصنفين خبرها، ولا شاهد فيه على هذه الرواية.
وشامت، وآخر: مرتفعان على خبر مبتدأ مضمر، كأنه فسر الصنفين، فقال: هما شامت، وآخر مثن، ويجوز أن يرفع شامت على البدل من الصنفين.
ويجوز أن يكون التقدير: أحدهما شامت، والآخر مثن.
وبعد هذا البيت:
ولكِنْ ستبْكينِي خطوبٌ ومجلسٌ ... وشُعثٌ أُهينوا في المجالس جُوَّع
ومستلحم قد صكَّه القوم صكَّةً ... بعيد الموالي نيل ما كان يجمع
رددت له ما فرط الفَيْل بالضحى ... وبالأمس حتى آبَنا وهو أضلع
وما كان أن كان ابن عمِّي ولا أخي ... ولكن متى ما أملك الضُّرَّ أَنْفَعُ
وأنشد أبو القاسم في هذا الباب:
هِيَ الشِّفاءُ لِدَأبي لو ظَفِرْتُ بها ... وليسَ منها شِفاءُ الدَّاءِ مَبْذُول
هذا البيت لهشام أخي ذي الرمة.
وهو اسم مرتجل، مشتق من قولهم هشمت الشيء إذا كسرته.
وذكر أبو الفتح: أنه اسم منقول من مصدر هاشمت.
ويجوز أن تكون ليس في هذا البيت هي العاملة، فيضمر فيها الأمر والشأن، وتجعل الجملة في موضع خبرها، ويجوز أن تكون بمنزلة ما لا يعمل شيئًا، وهي لغة لبعض العرب.
ويجوز في لو أن تكون هي التي تدل على امتناع الشيء لامتناع غيره، والجواب محذوف، كأنه قال: لو ظفرت بها لاشتفيت، فأغنى ما تقدم من ذكر الشفاء عن إعادة ذكره، كما نقول: أنا أشكرك إن أحسنت إلي؛ فتغني الجملة عن جواب الشرط.
ويجوز أن تكون لو هي التي يراد بها معنى التمني، كأنه قال: ياليتني ظفرت بها.
والباء في قوله: بها متعلقة بظفرت، ومن في قوله منها متعلقة بمبذول، فلا موضع لها لتعلقها بظاهر، وبعد هذا البيت:
تجلو عوارض ذي ظلم إذا ابتسمت ... كأنَّه مُنْهَلٌ بالرَّاح مَعْلولُ
ومعنى تجلو: تكشف وتظهر، والعوارض: الضواحك، والظلم: الماء الجاري على الأسنان، والمنهل: الذي سقي سقية أولى، والمعلول: الذي سقي سقية ثانية، والراح: الخمر.
ويروى هذا البيت لكعب بن زهير، ويروى لهشام.
وأنشد أبو القاسم في باب الحروف التي تنصب الأسماء، وترفع الأخبار:
مُعاوِيَ إِنَّنَا بَشَرٌ فأسْجِحْ ... فَلَسْنا بِالجبالِ ولا الْحَدِيدَا
هذا البيت لعقيبة الأسدي، فيما ذكره سيبويه.
وعقيبة: اسم منقول، ويحتمل أن يكون تصغير عقبة، وهي الثنية الصغيرة، الصعبة المصعد.
ويحتمل أن يكون تصغير عقبة - مثل ظلمة - وهي بقية من المرق واللحم ونحو ذلك في القدر المستعار، أو تصغير عقبة في الركوب، أو تصغير عقبة القمر، وهي عودته تقال بكسر العين وضمها، قال الشاعر:
لاتَطْعم الغِسْلَ والأدهانِ لِمَّتهُ ... ولا الذَّرِيرَةَ إِلا عُقْبة القَمَرِ
ويروى عقبة القمر بالضم.
وقال الكميت في عقبة القدر:
وحارَدَتِ النُّكْدُ الجِلادُ وَلَمْ يَكُنْ ... لعُقبة قِدْرِ المسْتعيريِن معقِبُ
وأسد اسم منقول أيضًا يحتمل أن يكون منقولًا من، اسم السبع، ويحتمل أن يكون مصدر: أسد الرجل بأسد، إذا شجع وفعل فعل الأسد.
ويروى هذا البيت أيضًا لعبد الله بن الزبير الأسدي.
والزبير - أيضًا - اسم منقول؛ لأن الزبير: طين الحمأة، والزبير: البئر المطوية بالحجارة، والزبير: الكتاب المكتوب، وأنشد ابن جني:
كمَا زان المهَّرقَ والزُّبيْرا
والزبير: الداهية، والزبير: الإهانة والزبير: المزجور المهان يقال: زبرت الرجل إذا زجرته.
1 / 10