<77> قال الخزري، قد اعتبرت ذلك ولم أر مثله في العجم ولا في العرب، ولا يمكن ذلك في إنشاد الشعر، فأخبرني كيف حصلت هذه الفضيلة في هذه اللغة، وكيف أفسدها الوزن؟
<78> قال الحبر، بأن جمع فيها بين ساكنين ولم يجمع فيها بين ثلث حركات إلا تحاملا فجاء الكلام إلى السكون وأكسب هذه الفضيلة أعني الألفة والنشاط على القراءة وسهل بذلك الحفظ وحصول المعاني في النفس، وأول ما يفسد عروض الشعر أمر هذين الساكنين فيطرح ال.. وال.. يفصير .. و .. سواء. .. و .. سواء في اللحن. .. و .. وكذلك يصير .. و .. سواء على ما بينهما من البون من ماض ومستقبل. وقد كان لنا اتساع في طريق ال.. الذي لا يفسد لغة إذا حرز لكن أدركنا في القول المنظوم ما أدرك أباؤنا في ما قيل عنهم ...
<79> قال الخزري، أسألك هل تعلم سببا لتحرك اليهود عند قراءة العبرانية؟
<80> قال الحبر: ذكر أنه لتنبيه الحرارة الغريزية. وما أظنه إلا من الباب الذي نحن فيه، لما أمكن جملة منهم القراءة פה אחד أمكن أن يجتمع عشرة وأكثر على مصحف واحد. ولذلك صارت مصاحفنا كبارا فيلجأ كل واحد من العشرة إلى الميل مع الأحيان لرؤية الحرف، ثم يعود. ويكون هذا ميلا ورجوعا لكون المصحف في الأرض. ويكون هذا السبب الأول، ثم صارت عادة من الرؤية والمشاهدة والمحاكاة التي هي في طبع الناس. وغيرنا يقرأ كل واحد في مصحفه ويضم مصحفه إلى عينه أو ينضم هو إليه بقدر ما يريد من غير أن يضايقه صاحبه فيه، فليس يحتاج إلى ميل وارتفاع.
ثم فضيلة النقط وضبط الשבעה מלכים وما لنا من تحرير وتدقيق والفوائد الحاصلة من التفرقة بين الקמץ والפתח والצירי والסגל وفائدته في المعاني يفرق بها بين الماضي والمستقبل. مثل שמתי وשמתי ואברכהו ואברכהו. ويفرق بين فعل وصفة مثل חכם وחכם وبين הא الاستفهام وהא المعرفة. مثل העולה היא למעלה. وغير ذلك إلى ما تفيد من حسن انتظام ادراج الكلام في جمع الساكنين حتى تأتي الكلام العبراني قراءة تستوي فيها جماعة دون لحن. وللحن أيضا شروط آخر لأن جهات النطق في العبرانية بالقسمة ثلث ضمة وفتحة وكسرة، وبقسمة ثانية ضمة كبرى وهي קמץ ووسطى وهي חולם وصغرى وهي שרק وفتحة كبرى وهي פתח وصغرى وهي סגול وكسرة كبرى وهي צירי وصغرى وهي חירק، والשבא محركة بهذه كلها بشرائط وهي الحركة وحدها دون زيادة، وغيرها تقتضي ساكنة بعدها، فالקמץ يتبعه ساكن ممدود فلا يتبعه דגש في الوضع الأول وإن اتبعه דגש فلضرورة في الوضع الثاني أو الثالث وساكنه الممدود إما ألف وإما هاء مثل ברא. وربما تبع الساكن الممدود ساكن ظاهر مثل קאם الחולם يتبعه ساكن ممدود وساكنه واو أو ألف مثل לא לו، وربما تبعه ساكن ظاهر مثل שור שמאל. الצירי يتبعه ساكن ممدود وساكنه ألف أو ياء مثل יוצא وיוצאי. وأما الهاء فليست للצרי بالطبع بالوضع الأول. لكن بالوضع الثاني الשרק متروك للثلثة الأوضاع قد يتبعه الممدود وقد يتبعه الדגש والساكن الظاهر وساكنه الواو وحدها مثل לו وללון وלקח. الחרק مثل الשרק مثل לין وלי وלבי. الפתח والסגל لا يتبعهما ساكن ممدود في الوضع الأول وإنما يمدهما الوضع الثاني. أما للاعتماد عليه أو للحن أو لموضع قطع وفصل فالوضع الأول تلتزم شرائطه مهما نظرت إلى حرف حرف وكلمة كلمة ولم تعن بإصلاح إدراج الكلام المؤلف منها من وصل وقطع وكلمة كبيرة وصغيرة وغير ذلك فحينئذ تتضع لك الשבעה מלכים على وضعها الأول دون خلاف والשבא على قدرها دون גיעיא. والوضع الثاني ينظر في حسن تأليف الألفاظ وإدراجه فربما غير من الوضع الأول لإصلاح الثاني والوضع الثالث هو التلحين وربما غير شيئا من الوضعين المتقدمين ولا ينكر في الوضع الأول تتالي ثلث حركات لا يتخللها ساكن ولا דגש بل تتصل حركة שבאية بعد حركة שבאية ثلث وأكثر كما يجوز ذلك في العربية لكن ذلك منكر في الوضع الثاني فمتى اتفقت ثلث حركات في الوضع الأول مد إحداها الوضع الثاني بقدر ساكن مثل משכני לשכני רצפת إذ العبرانية تستثقل توالي ثلث حركات إلا في التقاء مثلين مثل שררך أو א'ה'ח'ע' נהרי נחלי فإن شئت مددت وإن شئت أسرعت. وكذلك جوز الوضع الأول اجتماع حركتين متواليتين ممدودتين بقدر ساكنين ورأى الوضع الثاني أن النطق بذلك يسمج فيسقط أحد المدين ويبقى الثاني مثل .. وكل ما ماثله. ألا ترى .. وأصحابه النطق بها بعكس النقط تمد العين وهي .. وتهمل الفاء وهي .. ومد العين إنما هو لاعتماد لا لساكن لين. ولذلك أبقى .. و.. على الوضع الأول لما اعتمد على الحرف الصغير. وهكذا نرى .. ب..ين وهو فعل ماض فنطلب علة ذلك فنجده في .. أو .. فنقول إن هذا الساكن تمكن في الوضع الثاني من أحل الوقوف والقطع فيطرد لنا هذا حتى نجد .. ب..ين أيضا في .. فنطلب علته فنجده موضع قطع في المعنى وكان يستحق أن يكون .. أو .. لولا ضروريات آخر ألجأت ألا يقع في .. ولا في .. كما نجد أيضا في .. و.. ..ين على غير ذلك من الاطراد مثل .. وكل .. فوجد علة .. مراعاة المعنى إذ لا يستحق .. الوقف فيه لاضطراره إلى ما بعده في تتميم المعنى، إلا قليلا مثل .. فإن معناه تام بالاحالة على ما تقدم فيستحق ال.. لأنه موضع قطع. وأما .. فكان حقه أن يكون .. فصعب نقل الكسرة إلى فتحة كبرى دون تدريج لكن نقلت إلى .. ولعل .. من هذا الطريق من أجل أن أصله .. فنقل ال.. عند الوقف إلى ..
وكذلك نتعجب من .. وكل ما جاء وزنه .. ممدود الفاء وهو ب حتى نتفكر أنه لو لم تمد الفاء لضمت ضرورة نطق العبراني إلى مد العين فيصير .. ويصير بين العين واللام ساكن لين بعد .. وهذا شنيع وليس بشنيع في الفاء إذ لا بد لهن من ساكن. وموضع الساكن فارغ فتلك المدة التي هي .. إنما هي ساكن ظاهر بازا .. لا بازا .. نعم إنه إذا كان في .. و.. رجع .. بازا فرأينا ضرورة المد كما قلنا في ..
كذلك نتعجب من .. و.. وأصحابها لامتداد فائها وهي .. ونتفكر فنرى أنها مقام .. وإنما فتحت من أجل.. ولذلك لم تتغير عند الإضافة كما يتغير .. و.. عند الإضافة لأنها على زنة .. وكذلك نجد .. ب.. مع ساكن لين فنتفكر في المثال الأول الذي هو .. ونرى أن عين الفعل لم يبن على مد بل على ساكن ظاهر مع .. أبدا ونعذر لما لم ينقط ب.. فيقال .. إذ لا تقع فتحة على هاء لينة إلا ب.. وال.. ممدود وعين الفعل ليس بممدود أصلا إلا أن تنقل إليها حركة أو تقع إلى ألف مثل ..
فوجب نقل .. إلى .. لأنه أقل الحركات تمكنا ويشارك ال.. إذا احتيج في الوضع الثاني إلى تمكينه عوضا منه في الوقفات ويكاد ألا يظهر للهاء في .. مكان إلا في القطع أو في اللحن، ويستسهل ال.. معها .. حتى لا تظهر ما ليس كذلك في .. و.. و فلا يتبعها .. ويتقدمها .. لإظهار الألف. وألا ترى استخفافهم بالهاء حتى اسقطوها من الخط واللفظ .. فكيف تمكن بال.. بل إنما تعطي أقل الحركات وهي ال.. هذا في الوضع الأول حتى ينقلها الوضع الثاني إلى ال.. عند القطع.
وكذلك نتعجب من .. و.. و.. وأصحابها لما نراها في الإضافة ب.. وفي غير الإضافة ب.. ونظن الحق كان في عكس هذا. فإذا تفكرنا في لام الفعل المعتلة وهي ال.. أنها محسوبة كالعدم وكان هذه الأسماء إنما هي .. فلم تستحق غير ال.. حتى تأتي ضرورة لإظهارها بساكن لين في .. و.. و.. و.. فصير ال.. ليقوم عند الإضافة مقام ال.. في .. و.. والذي جاء على الوضع الأول ولم يغيره الثاني في النقط لكن في اللفظ .. مفصولة ب.. ومضافة ب.. وربما مدة اللحن مثل .. وهو على وضعه الأول ب.. وربما حفزه اللحن .. وهو على وضعه الأول ب.. ولا إشتباه في .. أنه ب.. ولواضع هذا العلم الدقيق أسرار تخفي عنا وربما وقفنا على بعضها يقصد بها التنبيه على تفاسير كقولنا في .. وفي ما يفرق بين الماضي والمستقبل وبين الانفعال والمنفعل فينقط .. ب.. و.. وينقط .. وإن لم تكن في موضع قطع لفظي فهي في موضع قطع معنوي. وكثيرا ما يحمل ال.. التابع لل.. محمل ال.. وال.. وال.. فيتغير الوضع الأول ولو اتسعت في هذا الباب لطال الكتاب وإنما أعرضت عليك ذوقا من هذا العلم الدقيق وأنه ليس مهملا بل معللا مضبوطا.
<81> قال الخزري: كفاني هذا تعجيبا بهذه اللغة وأرغب أن تنتقل معي إلى صفة المتعبد عندكم، ثم أسألك عن احتجاجكم على القرائين، ثم أطلب منك في الآراء والاعتقادات أصولا، ثم أطلبك بما بقي عندكم من العلوم القديمة.
Halaman tidak diketahui