وست فضيلة سيدة جميلة وكاملة، تحبه وتسهر على راحته وتعيد خلقه من جديد.
وهي لا تفرط في شيء منه، ناعمة مهذبة وفية ولكنها لا تفرط في قيراط منه، ومنذ اللحظة الأولى يشعر عاشور بأنها حريصة على ملكيته ملكية كاملة، ظاهره وباطنه، أصله وظله، حتى فكره وأحلامه، فهو يعيش بين يديها، في الحديقة أو المنظرة، وحتى الساعة التي يقضيها في المقهى يرى شبحها وراء خصاص النافذة يطل عليه، ولكنه ينعم رغم كل شيء بالحب والراحة والشبع. •••
وعندما يعتاد عاشور الطيبات، عندما تطوي العادة معجزات الهناء، يتسلل إلى روحه التثاؤب. يتوق إلى ساعة يخلو فيها إلى نفسه، يهيم على وجهه، يمازح صديقا، يرتكب حماقة بريئة، ولكنه يشعر دوما بأنه مراقب، خاضع، مطارد.
الحق أنه لا ينقصه شيء ولكنه سجين، ثمة أغلال من حرير تحز عنقه مكان الأغلال الحديدية القديمة، ويتدفق في روحه التثاؤب.
ويجد الزمن طويلا، ويجد الزمن ثقيلا، ويجد الزمن عدوا.
ويقول لها ذات يوم: افتحي لي دكانا.
فتقول له: لديك ما تشتهيه النفس، ماذا ينقصك؟
فيقول متشكيا: كل رجل يعمل حتى الشحاذون.
ويوقن بأنها تخاف أن يستغني عنها بالعمل أو يستقل عنها بالنجاح، وهو لا يريد من العمل إلا أن يهيئ له قدرا من الحرية، بعيدا عن نظرتها المستقرة. •••
ويرتد عاشور الدنف إلى التجهم والاحتجاج.
Halaman tidak diketahui