128

Hayat Sharq

حياة الشرق: دوله وشعوبه وماضيه وحاضره

Genre-genre

وقد قرأنا وسمعنا من سوء معاملة الوهابيين المتوحشين للحجاج المصريين إذا رأوهم يتبركون ببعض الآثار أو يقرءون الفاتحة لأحد الصحابة، ويضربونهم إذا رأوهم يدخنون، وحدثت معارك دموية بين حرس المحمل وبين الجيش الوهابي وأصيب كثير من الجنود المصرية ومن الحجاج أيضا، وانقطع المحمل والكسوة من سنة 1926 إلى هذه السنة على الرغم من أن عبد العزيز أرسل ابنه فيصل يستشفي من رمد في عينيه فقوبل في مصر مقابلة الأحباب والحلفاء وذلك بعد الاعتداء على المحمل بالضرب والقتل. فانظر إلى كرم المصريين وحلمهم وتسامحهم التي تكاد تكون ضعفا وحلما وعفوا في غير موضعها، فنحن لا نستنيم للأجانب والأوروبيين فقط، بل تمتد استنامتنا وضعفنا إلى عرب الصحراء ... فلا حول ولا قوة إلا بالله! ولكن أهل مصر قد جبلوا على مكارم الأخلاق، فلعل هذا يقدر حق قدره من أمم الشرق والغرب.

الفصل الثاني والعشرون

السياسة الأوروبية في بلاد العرب

أثر من القرون الوسطى

كانت أحكام العصور المظلمة عادت إلى الحجاز بانتصاب الشريف س. بن ل. حاكما على الحجاز، عاد البطح على البطن والجلد على القفا بسيور الجلد المضفور وسياط الخيزران، ويوجد تحت القصر سرداب اسمه «القبو الدامس» لأن البشر يدمسون فيه أحياء، وهذا القبو الدامس أو القبر الرهيب عبارة عن جحر مظلم تحت قصر أمير بالحجاز ليس فيه كوة للهواء أو منفذ للنور وأرضه ملآنة بالتراب الذي تتولد فيه الجرذان والعقارب، وهو سجن المتهمين من رعايا الأمير بغير تحديد لوقت أو لحكم كأنه جزء من حصن الباستيل. وليس هذا القبر معدا للصوص والجناة من قطاع الطريق وقتلة الحجيج فإن هؤلاء خاصة المنفذ وحاشيته وأقرب الناس إليه، وإنما القبر أو الدامس جعل لمن ينبس بكلمة أو تصعد من صدره زفرة حزن أو أسى على العرب والإسلام، وقد يضع فيه خصومه من الأعيان أو التجار الأغنياء الذين يحاول مصهم فيرفضون بعذر العدم أو الحاجة.

فإذا ألقى باثنين في الدامس فلا يستطيع أحدهما أن يرى وجه الآخر لشدة الظلام، ولا يستطيع من يدخل الدامس أن يبقى بثيابه، بل يضطر لخلع ما عليه ويتجرد من ثوبه لشدة الحر لأن الدامس لا يتخلله الهواء، وفي الدامس سلاسل وأغلال تصلح لتقييد السفن ويقيد بها الأشخاص! والحمد لله على أن هذا المكان قد بطل استعماله.

وكانت هناك فوق ذلك أداة للعذاب اسمها الخشبة، وهي عمود ممدود فوق الأرض من الجدار إلى الجدار به عدة ثقوب، وطريقة التعذيب بها أن توضع رجلا المعذب في ثقبين من تلك الثقوب على مسافة مترين أو مترين ونصف، ويبقى الرجل ملقى على هذه الحالة على أرض تمرح فيها الجرذان والحشرات فتتمزق أعصابه ويوقع على نفسه ويتخبط في فضلاته.

وبعد مدة مقررة يخرج المعذب ويضرب بالسياط وأعصاب البقر إلى أن يشرف المتهم على عالم الموت والشهادة، وكثيرون يموتون وآخرون تتعطل أعضاؤهم.

وقد نشرت هذا الوصف جريدة «بورو بودور» التي تصدر في جاوه بقلم محمد الهاشمي التونسي، عدد 4 سنة أولى الصادر في 10 ديسمبر سنة 1900، وقال المحرر:

نحن نكتب هذا وننشره في عصر النبيل نفسه وأهل مكة منتشرون في كل مكان، فمن ارتاب فليتحقق منهم، وأهل مكة أدرى بشعابها.

Halaman tidak diketahui