Hashiyat Tartib
حاشية الترتيب لأبي ستة
<1/103> قوله: «لا تستقبلوا قبلة ببول ولا غائط) ظاهر هذا الحديث يقتضي النهي عن الاستقبال فقط حيث اقتصر عليه، وقد حكي ذلك عن أبي حنيفة وأحمد.
قوله: «وذلك إذا كان في الصحاري والقفار وأما في البيوت فلا بأس» كأنه أراد بالبيوت مطلق الساتر كما يرشد إلى ذلك التعليل والتفريق بين الأبنية والصحاري، وهو مذهب أصحابنا وجمهور مخالفينا، وهو أعدل الأقوال لإعماله بجميع الأدلة، وقال قوم بالتحريم مطلقا، وهو المشهور عن أبي حنيفة وأحمد، ورجحه من المالكية ابن العربي، وحجتهم أن النهي مقدم على الإباحة، وقال قوم بالجواز مطلقا وهو قول عائشة وعروة وداود، واعتلوا بالرجوع عند التعارض إلى الأصل الذي هو الإباحة، فهذه أربعة مذاهب مشهورة على ما في كتب قومنا، وزاد بعضهم ثلاثة مذاهب: أحدها جواز الاستدبار في البناء فقط تمسكا بظاهر حديث ابن عمر وهو قول أبي يوسف، ثانيها التحريم مطلقا حتى في القبلة المنسوخة وهي بيت المقدس وهو يحكى عن إبراهيم وابن سيرين عملا بحديث معقل الأسدي قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تستقبل القبلتان ببول أو غائط، ثالثها أن التحريم يختص بأهل المدينة ومن كان على سمتها، فأما من كان قبلته جهة المشرق والمغرب فيجوز له الاستقبال والاستدبار مطلقا لعموم قوله: (شرقوا أو غربوا) قاله أبو عوانة صاحب المزني، انتهى، مختصرا من الفتح.
وذكر في الإيضاح في استقبال القبلة واستدبارها ثلاثة أقوال من المشهورة وبينها، ثم قال: وقول رابع من قصر النهي في استقبال القبلة واستدبارها بمكة وهو بمذهب الجمع أليق إلى آخره، فعلى هذا يتحصل في المسألة ثمانية أقوال، <1/104> والمذهب ما تقدم، والمستحب ترك الاستقبال والاستدبار ولو مع الساتر، قال في القناطر: والانحراف أيضا في البناء أحب إلي.
Halaman 99