Hashiyat Tartib
حاشية الترتيب لأبي ستة
قوله: «الرياء يحبط العمل كما يحبطه الشرك» أراد -والله أعلم- كما يحبطه الشرك الأكبر فلا ينافي ما هو معلوم من أن الرياء هو الشرك الأصغر، وقد تقدم عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "اتقوا الشرك الأصغر"، قالوا: وما الشرك الأصغر؟ قال: (الرياء)، وعده أيضا في القواعد من وجوه الشرك، واستدل له بقوله صلى الله عليه وسلم : "الشرك أخفى في أمتي من ذرة سوداء على صخرة صماء في ليلة ظلماء". وبقوله تعالى: {فمن كان يرجو لقآء ربه}الآية [الكهف:110]، قال: نزلت فيمن يتصدق بصدقة ويلتمس بها الأجر والثناء لكنه استثناه بعد ذلك من أقسام الشرك ووجوهه إذا لم يقارنه تقرب، ولكنه محبط للعمل على كل حال. وانظر لم خصه صلى الله عليه وسلم بالذكر في كونه محبطا للعمل مع أن سائر الكبائر عندنا كذلك كما هو معلوم؛ لأنه لا يتحقق الثواب والعقاب لشخص واحد بل هو إما سعيد وإما شقي، وصاحب الكبيرة عندنا مخلد في النار ولا ثواب له على عمله ما لم يتب كما تقدم عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت لسرية زيد بن أرقم: <1/81> "أبلغي زيدا أنه قد أبطل غزوه وجهاده مع رسول الله وأبطل حجه وصلاته وصيامه إن لم يتب". ويحتمل أنه إنما خصه بالذكر لخفائه في الإنسان فبينه له، أو لأنه يحتاج معه إلى إعادة العمل لاختلال شرط صحة العمل وهو النية التي هي الإخلاص بخلاف سائر الكبائر فإن العمل معها صحيح، إذا وجدت شروط الصحة من العلم والعمل والنية. وإنما اختل شرط الثواب وهو الورع، فإن تاب صح له ثواب عمله، والله أعلم.
<1/82> الباب الحادي عشر
Halaman 82