Hashiyat Tartib
حاشية الترتيب لأبي ستة
فريق قال: كل ما خلق الله فهو جميل، فهو يحب كل ما خلقه، ونحن نحب كل ما خلقه فلا نبغض منها شيئا قالوا: ومن رأى الكائنات منه كلها جميلة، واحتجوا بقوله تعالى: {الذي أحسن كل شيء خلقه}[السجدة:7]، وهؤلاء قد علموا الغيرة لله من قلوبهم، والبغض في الله، والمعاداة فيه وإنكار المنكر، وإقامة الحدود.
والفريق الثاني قالوا: قد ذم الله جمال الصور وتمام القامة والخلقة فقال عن المنافقين: {وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم }[المنافقون:4]، وفي حديث مسلم مرفوعا: "إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم وإنما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم"، قالوا: وقد حرم علينا لباس الحرير والذهب، وآنية الذهب والفضة وذلك من أعظم جمال الدنيا، وقال تعالى: {ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا}[طه:131]، وفي الحديث "البذاذة من الإيمان"، وقد ذم الله المسرفين والسرف كما يكون في الطعام والشراب يكون في اللباس.
وفضل النزاع أن يقال الجمال في الصورة واللباس والهيئة ثلاثة أنواع منها ما يحمد ومنها ما يذم ومنها ما لا يتعلق به مدح ولا ذم.
<1/332> فالمحمود منه ما كان لله وأعان على طاعة الله وتنفيذ أوامره والاستجابة كما كان صلى الله عليه وسلم يتجمل للوفود، وهو نظير لباس آلة الحرب للقتال، ولباس الحرير في الحرب والخيلاء فيه، فإن ذلك محمود إذا تضمن إعلاء كلمة الله، ونصر دينه، وغيظ عدوه.
والمذموم منه ما كان للدنيا والرئاسة والفخر والخيلاء، وأن يكون هو غاية العبد وأقصى مطلبه فإن كثيرا من النفوس ليس لها همة في سوى ذلك.
وأما ما لا يحمد ولا يذم فهو ما خلا هذين القصدين، وتجرد عن الوصفين.
Halaman 325