فهو رب كقولك نم ينم هو نم. ثم سمي به المالك لأنه يحفظ ما يملكه ويربيه ولا يطلق على غيره تعالى إلا مقيدا، كقوله: ارجع إلى ربك [يوسف: 50] والعالم اسم لما يعلم به الصانع وهو كل ما سواه من الجواهر والأعراض فإنها لإمكانها وافتقارها إلى أيضا لأنه متعد مثل ربه. قوله: (ثم سمي به المالك) أي بعد ما كان في الأصل مصدرا وصف به للمبالغة أو نعتا بمعنى المربي سمي به الملك، ومنه قول صفوان لأبي سفيان حين رأى انهزام المسلمين في أول القتال فاستبشر وقال: غلبت والله هوازن. وكان صفوان بن أمية عنده لما سمع ذلك من أبي سفيان رد عليه قائلا: بفيك الكبكت لأن ربني رجل من قريش أحب إلي من أن يربني رجل من هوازن. والكبكت بكسر الكافين وضمهما كبار الحجارة، والراب وقوله يربني يملكني ويكون مالكي يقال ربه أي كان مالكا له ويقال ساده بمعنى كان سيدا له، وأراد برجل من قريش محمدا صلى الله عليه وسلم وبرجل من هوازن رئيسهم مالك بن عون: ولا يطلق لفظ الرب على غيره تعالى إلا مقيدا بالإضافة كقوله تعالى حكاية عن يوسف عليه الصلاة والسلام أنه حين جاءه الرسول من قبل ملك مصر ليخلصه من السجن ارجع إلى ربك [يوسف: 50] وأراد به ملك مصر وقال للذي ظن أنه ينجو من السجن من الفتيين اللذين دخلا معه السجن: أما أحدكما فيسقي ربه خمرا ثم قال له: اذكرني عند ربك.
وقد تقرر أن ما ثبت في الشرائع السابقة شريعة لنا إذا قصة الله تعالى ورسوله من غير إنكار.
قوله: (والعالم اسم لما يعلم به) يعني أنه مشتق من العلم لا من العلامة لكنه ليس بصفة بل هو اسم لما يحصل به العلم بالشيء أي شيء كان صانعا كان هو أو غيره كالخاتم اسم لما يختم به، والقالب اسم لما يقلب به، والطابع لما يطبع به كثر استعماله فيما يعلم به الصانع خاصة. فيكون مفهوم العالم من حيث هو أي غير مقيد بشيء من القيود التي تخصصه بشيء مما تحته من الأجناس وأفرادها كليا متنا ولا لجميع ما سوى الله تعالى من أجناس الممكنات حيث لا يكون كليا مقولا على أفراده بل يكون أمرا واحدا مركبا من الأجزاء، وليس كذلك لأنه لو كان كذلك لامتنع جمعه لأن الجمع يطلق على آحاد متعددة مما يسمى بمفرده ولا تعدد في ذلك بل المراد أن العالم لما صار بطريق الغلبة اسما لما يعلم به الصانع خاصة كان كليا متناولا لكل واحد مما تحته من أجناس الممكنات من الجواهر والأعراض بحيث يصح إطلاقه منكرا على كل جنس منها على سبيل البدل بناء على أن مدلول النكرة هو الفرد المنتشر فيقال: عالم الأفلاك وعالم العناصر وعالم النبات وعالم الحيوان وعالم الأعراض فهو اسم للقدر المشترك بين أجناس ما يعلم به الصانع فيصح إطلاقه على كل واحد منها وعلى مجموعها أيضا باعتبار أن مجموع الأجناس الممكنة من جملة أفراد ما يعلم به الصانع إلا أنه منكر لا يطلق على الفرد من الجنس المسمى به كزيد مثلا فلا يقال إنه عالم من حيث
Halaman 67