323

Hasyiyah 'Ala Tafsir Baydawi

حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي

Genre-genre

وههنا وإن طوي ذكره لحذف المبتدأ لكنه في حكم المنطوق به ونظيره:

أسد علي وفي الحروب نعامة ... فتخاء تنفر من صفير الصافر

هذا إذا جعلت الضمير للمنافقين على أن الآية فذلكة التمثيل ونتيجته، وإن جعلته وما في الآية من هذا القبيل لأنه تشبيه مثله فما ظنك بالاستعارة؟ قوله: (وههنا) أي في قوله: صم بكم عمي وهو معطوف على قوله: «إذ من شرطها أن يطوي ذكر المستعار له» أي وههنا فقد شرط الاستعارة بناء على أن المقدر كالملفوظ. قوله: (ونظيره) أي نظير قوله تعالى: صم بكم عمي في كون اسم المشبه به مستعملا في معناه الحقيقي وكون الكلام محمولا على التشبيه لا على الاستعارة بناء على فقدان شرط الاستعارة من حيث كون المستعار له في حكم المنطوق، فإن قوله: «أسد» على خبر مبتدأ محذوف أي أنت أسد علي. ويجوز أن يتعلق حرف الجر بالاسم الجامد إذا كان معناه منبئا عما فيه رايحة الفعل كالأسد والنعامة، فإنهما لما اشتهرا في معنى الشجاعة والضعف جاز أن يتعلق بهما كلمة «علي» و «في» والفتخاء مسترحية الجناحين وهي صفة لازمة للنعامة. والشاعر يخاطب الحجاج بهذا القول وبعده:

هلا برزت على غزالة في الوغى ... بل كان قلبك في جناحي طائر

وغزالة اسم امرأة قتل الحجاج زوجها المسمى بشيب فخرجت عليه وحاربته حولا كاملا وهزمته. قوله: (هذا) أي ما ذكر في تفسير قوله تعالى: صم بكم عمي من حمل الكلام على تشبيههم بمن إيفت شاعرهم وانتفت قواهم وعدم حمله على الحقيقة بناء على أنهم سالموا القوى قادرون على السماع والنطق والإبصار، إنما هو إذا جعلت الضمير المذكور في قوله: بنورهم والمقدر في قوله: صم بكم عمي للمنافقين بأن يكون قوله سبحانه وتعالى: ذهب الله بنورهم استئنافا أو بدلا من جملة التمثيل ويكون قوله: صم بكم عمي من أوصاف المنافقين أيضا على أنه فذلكة. ونتيجة للتمثيل المذكور في قوله سبحانه وتعالى: مثلهم كمثل الذي استوقد نارا والفذلكة مأخوذة من قول الحساب فذلك يكون كذا فقولهم: «فذلك» إشارة منهم إلى ما هو حاصل الحساب ونتيجته ثم أطلق لفظ الفذلكة لكل ما هو نتيجة متفرعة على ما سبق حسابا كان أو غيره وإن جعلت الضمير للمستوقدين لا يحتاج حينئذ إلى حمل الكلام على التشبيه البليغ بل يكون باقيا على حقيقته.

فإن قيل: من استوقد نارا لغرض ثم انطفأت ناره عقيب الإضاءة فنهاية أمره أن يقع في حيرة ودهشة حرمان ما أمله من استيقاد النار لا أن يلحقه الصمم والخرس والعمى حقيقة فكيف

Halaman 329