263

Hasyiyah 'Ala Tafsir Baydawi

حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي

Genre-genre

يخفى عليه خافية. وقرأ الباقون وما يخدعون لأن المخادعة لا تتصور إلا بين اثنين وقرىء ويخدعون من خدع ويخدعون بمعنى يختدعون ويخدعون ويخادعون على البناء للمفعول، وذلك لأن هذه المخادعة مخادعة أخرى جارية بينهم وبين أنفسهم باعتبار التغاير المبني على التجريد، بأن جردوا من أنفسهم أشخاصا يخادعونهم كما يخادعون غيرهم من الأشخاص، كما جرد الشاعر من نفسه شخصا فخاطبه بقوله:

تطاول ليلك بالأثمد

وبهذا المعنى أيضا يندفع ما يرد من أن المخادعة لا تكون إلا بين اثنين فكيف يتصور مخادعتهم أنفسهم ولا أثنينية، وتصوير جريان المخادعة بينهم وبين أنفسهم في مخادعتهم الله تعالى والمؤمنين على الوجه المذكور أنهم في تلك المخادعة يخدعون أنفسهم بأن يوهموها الأباطيل والأكاذيب من أنهم قد خدعوا الله تعالى والمؤمنين وأنفسهم، وكذا أنفسهم تخدعهم وتوهمهم الأمنيات الخالية عن الفائدة والأطماع المبنية على السفاهة والوقاحة. فلما أوهموا أنفسهم الأباطيل وأوهمتهم أنفسهم الأكاذيب مع أنه يتفرع على تلك المعاملة مع المؤمنين أمور وأعراض مبهمة كانت معاملتهم مع أنفسهم شبيهة بمعاملة المخادعين، فأطلق عليهم اسم المخادعة ثم اشتق منها لفظ يخادعون فكانت استعارة تبعية.

قوله: (لأن المخادعة لا تتصور إلا بين اثنين) لما كانت نفس القراءة ثابتة بالتواتر وجب أن يحمل هذا التعليل على كونه بيانا لوجه اختيارهم هذه القراءة وترجيحها على القرارة الثانية أيضا بالنقل المتواتر. ويرد على هذه القراءة أيضا أن المخادعة كما أنها لا تتصور إلا بين اثنين كذلك تقتضي شخصا مغايرا للمخادع حتى يقصد إصابة المكروه به ويندفع بالمصير إلى التجريد لكن من جانب واحد بأن يجردوا من أنفسهم أشخاصا يخدعونها أي يعاملونها معاملة الخادع المخدوع. قوله: (وقرىء ويخدعون) بتشديد الدال على أن بناء التفعيل للمبالغة والتكثير. وقوله: «ويخدعون» بفتح الياء والخاء وكسر الدال المشددة أصله «يختدعون» نقلت فتحة التاء إلى الخاء ثم قلبت التاء دالا لقرب مخرجها وأدغمت الدال في الدال. وهو ههنا متعد نصب مفعوله كما في قولك: انتزعت الشيء أي اقتلعته. وقيل:

ينبغي أن يكون نصب أنفسهم في هذه القراءة بانتزاع الخافض إلا أن يثبت اختدع بمعنى خدع. قوله: (ويخدعون ويخادعون على البناء للمفعول) أي في القراءتين معا. وعلى هذا يكون انتصاب «أنفسهم» بنزع الخافض على طريقه «واختار موسى قومه» أي من قومه. يقال:

خدعت زيدا نفسه أي عن نفسه، أو على التمييز إن جوز كون التمييز معرفة. وانتصابه على باقي القراءات على المفعولية لما تقرر أن المستثنى المفرغ يعرب على حسب اقتضاء العامل

Halaman 269