262

Hasyiyah 'Ala Tafsir Baydawi

حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي

Genre-genre

أنفسهم ما يطرق به من سواهم من الكفرة، وأن يعل بهم ما يفعل بالمؤمنين من الإكرام والإعطاء وأن يختلطوا بالمسلمين فيطلعوا على أسرارهم ويذيعوها إلى منابذيهم إلى غير ذلك من الأغراض والمقاصد.

وما يخدعون إلا أنفسهم قراءة نافع وابن كثير وأبي عمرو والمعنى إن دائرة الخداع راجعة إليهم وضررها يحيق بهم أو أنهم في ذلك خدعوا أنفسهم لما غروها بذلك، وخدعتهم أنفسهم حيث حدثتهم بالأماني الفارغة وحملتهم على مخادعة من لا ينبذ إليه عهده. والإذاعة الإشاعة. قوله: (ما يطرق) على بناء المفعول وبه قائم مقام الفاعل من «طرقه الزمان بنوائبه» إذا أصابه بها والشخص مطروق، والنوائب مطروق بها.

قوله: (والمعنى إن دائرة الخداع) أي ما يدور ويترتب عليه من المضرة راجعة إليهم، فإنهم لما عاملوا مع الله ومع المؤمنين معاملة شبيهة بالمخادعة فلا جرم أن الله تعالى يجازيهم ويعاقبهم عليها. وذلك العقاب المترتب عليها هو الضرر الراجع إليهم المقصور عليهم. لما خفي المعنى في قراءة «وما يخدعون إلا أنفسهم» من حيث إنه قصر تعلق المخادعة على أنفسهم فيها بعد التصريح بكونها متعلقة بالله تعالى وبالمؤمنين بين أن قصر تعلقها عليهم قصر ضررها عليهم وبيان أن لا يتجاوز عنهم إلى أحد أصلا. وطريق استعارة هذا المعنى من تلك القراءة أن تكون العبارة الدالة على كون مخادعتهم مقصورة على أنفسهم ملزومة لانحصار الضرر المترتب عليها فيهم وذكر الملزوم وإرادة اللازم مجاز أو كناية على اختلاف المذهبين.

والظاهر أنه مجاز لأن تعلقها بما علقت به سابقا قرينة صارفة عن إرادة المعنى الأصلي وهو أن نفس مخادعتهم مقصورة عليهم فلا تكون كناية لأن الشرط الكناية أن تصح إرادة المعنى الأصلي وهو الذي ذكر من معنى قصر المخادعة على أنفسهم. وأما معنى نفس المخادعة فهو ما ذكر من معنى المخادعة المذكورة سابقا فإن كان الكلام السابق «يخادعون رسول الله والمؤمنين» على أحد الوجهين يكون معنى الثاني «وما يخادعون رسول الله وإنما يخادعون أنفسهم»، وإن كان قصرها على أنفسهم مجازا عن قصر ضررها عليهم. وإن كانت المخادعة المذكورة سابقا مستعارة للمعاملة الجارية فيما بينهم وبين الله تعالى والمؤمنين المشبهة بمخادعة المؤمنين يكون معنى الثاني أن تلك المعاملة المشبهة بمعاملة المخادعين مقصورة عليهم والمراد حصر ضررها اللازم لها فيهم. قوله: (أو أنهم في ذلك) أي إنهم في خداعهم الله تعالى والمؤمنين خدعوا أنفسهم حقيقة. بين أولا أن معنى قصر مخادعتهم على أنفسهم قصر ضررها اللازم لها على أنفسهم بأن يراد بالمخادعة لازمها الذي هو الضرر والوبال. ثم ذكر أنه يحتمل أن يراد بها حقيقة المخادعة، وعلى هذا المعنى أيضا اندفع ما يتوهم من أن قصر مخادعتهم على أنفسهم ينافي ما سبق من قوله تعالى: يخادعون الله والذين آمنوا

Halaman 268