وعجبت فلة؛ فقد خيل إليها أن عاشور يزداد صحة ونضارة.
59
لم ينقطع الناس عن التفكير في عاشور الناجي طيلة مدة سجنه. انتظر الحرافيش على لهف يوم عودته، وعمل آخرون لذلك اليوم ألف حساب. حصن درويش نفسه بالأتباع ، وأغدق عليهم النقود من حصيلة الإتاوات المفروضة على العباد، وشجعه على ذلك محمود قطائف قائلا: إن الكثرة تغلب الفرد مهما تكن قوته.
وأيده الأعيان خوفا من حب الحارة للغائب، حتى اتفق الرأي على إخضاعه أو اغتياله.
وتتابعت الفصول، وظلت التكية تشدو بالأناشيد الغامضة، حتى جاء اليوم الموعود.
وتلفت شيخ الحارة فيما حوله وغمغم حانقا: ما شاء الله!
رأى الأعلام ترفرف في أعالي الدكاكين والأسطح، رأى الكلوبات تعلق، رأى الأرض تفرش بالرمل الفاقع، سمع موجات الأصوات وهي تهدر بتبادل التهاني. وعاد يغمغم: كل ذلك من أجل عودة لص من سجنه!
ورأى درويش قادما فسأله: هل أعددت العدة لاستقبال الملك؟
فهمس درويش بصوت مضطرب: أما علمت بما حدث؟
وقص عليه حكاية العصابة، كيف انفضت من حوله وذهبت إلى الميدان لاستقبال العائد فلم يبق معه رجل واحد. اصفر وجه شيخ الحارة وتمتم: الأوغاد!
Halaman tidak diketahui