79

Hadith Isa bin Hisham

حديث عيسى بن هشام

Genre-genre

لست أفهم لك كلاما فصرح لي وبين.

عيسى بن هشام :

فلان يسأل عن فلان.

الشاب :

إني أنا فلان ولكن من فلان الذي يسأل عني؟

عيسى بن هشام :

هو جدك الأكبر أحياه الله بعد مماته وبعثه من رقاده، وكان من أمره أنني كنت أزور المقابر ذات يوم من الأيام ...

الشاب (مقاطعا مستهزئا) :

اذهب عني فلست أسمع لهذا الكذب والخرف وليس لي اليوم من جد ولا والد، ولا أنا ممن يصدق بحديث البعث في الآخرة، فكيف برجوع الموتى إلى الدنيا، تعالوا أيها الإخوان فاعجبوا معي واضحكوا مما أسمعه من هذا الرجل الذي يخاطبني وانظروا إلى هذا «الباشبوزق» الغليظ الذي بجانبه، فهو يدعي أنه آبائي وأجدادي بعثه الله ليطالبني فيما أظن بما ورثته من الأموال، وينازعني في نظارة الأوقاف، فهل سمعتم بأعجب مما أصبحنا فيه اليوم؛ لم يكتف الدهر بتكدير عيشنا وتعكير حياتنا بمطالبة أرباب الديون حتى بعث الأموات من قبورهم ليطالبونا بمواريثهم وأموالهم، ألا ترونها أيها الخلان أنها أبدع نكتة في أواخر القرن؟

قال عيسى بن هشام: فاستغرق الجميع عند ذلك في الضحك واستلقوا من القهقهة، وكلما سألني الباشا عن مكان حفيده، واستفهم مني عما يجري معي من الكلام استمهلته لتمام الحديث حتى لا يقف على شيء مما يقال، ولا يحس بوقع تلك السهام والنبال، ولما انتهى الشبان من ضحكهم نادوا بالخادم ليأمروه بطردنا وإخراجنا، وحانت في هذه الأثناء التفاتة من الحفيد بين دورانه وحركاته فلمح أحد قرنائه وإخوانه قد انزوى بتلك الخليلة، التي هي عندهم كالحليلة، يلاعبها وتلاعبه، ويغازلها وتداعبه، فانقض عليهما كالصقر الأجدل فاستعر بينهم الجدال واشتد الخصام والتف حولهم الجمع، وسمعت الحفيد يعتب، والصاحب يعتذر، والمرأة تبكت وتؤنب وتقول لعاشقها: «ليس لك مثل هذه الجرأة في العتاب والملام، ولا يأتي ما تأتيه من الحدة والتهور في الغيرة إلا من كان قائما بحاجتي مجيبا لرغبتي، وقد طلبت منك بالأمس أن تشتري لي ذلك العقد الذي حضر لتاجر الحلي من أوروبا في البريد الأخير فسوفت وماطلت بعد أن أجبت ووعدت، واعتذرت بالإعسار والضيق، ثم بلغني اليوم أنك اشتريت فرسا جوادا بمقدار عظيم من المال، فكيف تقصر في حاجتي مثل هذا التقصير، وتبغي مني الاقتصار عليك والاختصاص بك دون بقية من يبذل ماله وروحه في سبيل مرضاتي من أصحابك وإخوانك؟»

Halaman tidak diketahui