ولا سيما ذو الجودِ والفضلِ والتَقى ... واوصافُهُ الحسنى تجلُّ عن الحصر
واني وان شط المزارُ لقائلٌ ... عليكمْ سلامُ الله يا ساكني مصر
فكتبت له جوابًا عنها:
أتاني كتابٌ طيِّبُ الطي والنشرِ ... من الفاضلِ المشهورِ بالعلمِ والفخرِ
وفيه سلامٌ رائق رقَّ لفظُهُ ... ومعناه حتى فاق في النظم والنثر
فهيَّجَ اشواقي الى ساكني الحمى ... ولم انسهم فازددت ذكرًا على ذكر
فاني بروحي عندهم كلَّ ساعةٍ ... وان كنتُ قد حَلَّيْتُ بالجسمِ في مصر
أحنُّ إلى تلك المعاهدِ كلمَّا ... تذكرت أيامًا مضت سالف الدهر
فآها على تلك الليالي وطيبها ... لقد أشبهت في حسنها ليلةَ القدر
فياليتَ شعري يسمحُ الدهرُ بالذي ... مضى ليَ أحبابنا الأنجمِ الزُّهْرِ
سلامٌ على جمع الصحاب الذي بها ... ولكنَّكَ المخصوصُ مولايض بالذكر
مدى الدهر ما ناحت مطوقةٌ وما ... ترنَّم فوق الأيك في غُصْنِهِ القُمْري
ومما كتبته لمولانا وسيدنا صدر العلماء المدققين، وزبدة الفضلاء المحققين، مولانا الشيخ اسماعيل النابلسي - اسبغ الله ظلاله، وزاد علمه وادام افضاله - ما صورته:
لواءُ التهاني بالمسرَّةِ يخفقُ ... وشمسُ المعالي في سما الفضلِ تُشْرِقُ
وسَعْدٌ واقبالٌ ومجدٌ مخيِّمٌ ... وايام عزٍ بالوفا تتخلَّقُ
فيها أيها المولى الذي جلَّ قدره ... ويا ايها الحبرُ اللبيبُ المدقق
أرى الشام مذ فارقتها زال نورُهَا ... وثوبُ بهاها والنضارةِ يَخْلَقُ
اذا غبتَ عنها غاب عنها جمالها ... ونفسٌ بدون الروحِ لا تتحقَّقُ
وان اعدتً فيها عاد فيها جمالها ... وصار عليها من بهائكَ رونق
فيا ساكني وادي دمشقَ مزاركم ... بعيدٌ وبابُ الوصلِ دونيَ مغلق
وليس على هذا النوى ليَ طاقةٌ ... فهل من قيودِ البين والبعدِ أطْلَقُ
وإني الى اخباركم متشوِّفٌ ... واني الى لقياكمُ متشوّق
أودُّ اذا هبَّ النسيمُ لنحوكم ... بأنَي في اذيالِهِ اتعلَّقُ
وأصبو لذكراكم اذا هبَّتِ الصَّبا ... لعلي عن اخباركم اتنشَّق
ولي أنّةٌ اودتْ بجسمٍ ولوعةٌ ... ونارُ جوىً من حرّها أتقلَّق
فحنّوا على المضنَى الذي ثوبُ صبرِهِ ... إذا مَسَّه ذيلُ الهوى يتمزَّقُ
غريبٌ بأقصى مصر أضحتُ ديارُهُ ... ولكن قلبي بالشآمِ معلَّقُ
وقد نسخ التبريحُ فهل إلى ... غبارِ ثرى الاعتابِ وصلٌ محقق
ويا ليت شعري هل أفوزُ بروضة ... وفيها عيونُ النرجسِ الغضِّ تُحْدُقُ
وأنظر واديها وآوي لربوةٍ ... وماءٍ معين حولنا يتدفَّقُ
ويحلو ليَ العيشُ الذي مرَّ صَفْوُهُ ... وهل عائدٌ ذاك النعيمُ المروّق
وأنظر ذاك الجامع الفردَ مرةً ... وفي صحنهِ تلك الحلاوةُ تشرق
وأصحابنا فيه نجومٌ زواهرٌ ... ونورُ محيّا وجههم يتألق
فلا برحوا في نعمةٍ وسعادةٍ ... وعزٍّ ومجدٍ شأوه ليس يُلْحَقُ
ولا زال يا مولاي حجًّا مباركًا ... عليه من الله الثوابُ المحقق
ولا زلتَ في كلِّ المقاصدِ سيدي ... من الله في سَعْدٍ وأنت الموفّق
مدى الدهر ما حَنَّ الغريبُ إلى الحمى ... وأرسل دمعًا بل دمًا يتدفق
وما صاح شحرورٌ على غُصْنِ أيكةٍ ... وغرَّدَ قمريٌ وناح المطوَّقُ
1 / 26