بلاد نجد هضبة واسعة خصبة واقعة في وسط جزيرة العرب، وتحيط بها الفلوات والجبال من كل جانب.
واطلاع الناس على شؤون هذه الهضبة التي تقوم عليها الدولة الوهابية أمر حديث، وقد قال پلغريڨ عن سكانها: «إن بينهم، كما بين سكان شفيلد وبرمنغم، مهندسين قادرين على إنشاء خطوط حديدية وصنع آلات وبواخر»، ثم ذكر پلغريڨ، في أثناء كلامه عن نجد، أن من الباطل أن توصم جزيرة العرب بالتوحش، وأن يحكم عليها بما يلاقيه السياح الذين لا يقصدون سوى بعض بقاعها الساحلية على العموم.
وعلى ما أصاب الوهابين من الانهزام أمام المصريين في سنة 1810 وسنة 1818 لم تلبث الدولة الوهابية أن أعيد بنيانها، ويقيم أميرها عادة في مدينة الرياض العظيمة الشأن.
والزراعة أهم ما يعتمد عليه سكان نجد، وقد قال پلغريڨ: «تثبت وفرة الذرة والقمح والتمر الجيد في نجد أن النجديين زراع ماهرون.» (3-3) بلاد الحجاز
بلاد الحجاز واقعة على ساحل البحر الأحمر وتشتهر، على الخصوص، بأنها مهد الإسلام وبمكة والمدينة المقدستين اللتين يأتيهما، في كل سنة، ألوف الحجيج من أقصى نواحي العالم الإسلامي.
وتشتمل بلاد الحجاز على بقاع خصبة، ولكن معظم بقاعها غير ذي زرع، ونرى شريف مكة الأكبر، الذي يقيم بالطائف، هو الذي يقبض على ناصية الحكم فيها، وإن كانت تابعة لسلطان الآستانة بالاسم.
ومكة من المدن الواقعة في وسط الصحراء، ولا نشاهد مثلها في غير جزيرة العرب، ولا تفي أرضوها غير الخصبة باحتياج سكانها، فيجلب هؤلاء السكان الحبوب، التي يضطرون إليها، من مدينة جدة التي هي مرفأ لمكة واقع على ساحل البحر الأحمر.
وجهل الأوربيون مكة، التي سماها أهلوها بأم القرى، زمنا طويلا، ولا يستطيع أوربي أن يدخلها من غير أن يعرض نفسه للقتل، وما قدر عليه بعض السياح من زيارة لها كان بفضل تنكرهم وتضلعهم من اللغة العربية، ولم يكن لدينا عنها، فيما مضى، غير رسوم ناقصة لا يركن إليها عند البحث الصحيح، ونستطيع، اليوم فقط، أن نتمثلها تمثلا صحيحا بفضل الصور الفوتوغرافية التي التقطها أحد رجال الجيش المصري، صادق بك، والتي انتهت إلينا بأوربة في سنة 1881، فاستعنا ببعضها في هذا الكتاب.
ولا تفضل مكة على المدن العربية الأخرى بغير نظامها الكبير، ويندر الماء فيها، ويجلب إليها أطيب الماء بقنوات من ينابيع عرفة التي تبعد منها بضع ساعات، وتقول القصة: إن زوجة الخليفة الأشهر هارون الرشيد المفضلة، زبيدة، هي التي أنشأت تلك القنوات.
شكل 1-5: واحة الذهب على خليج أيلة (بلاد الحجر العربية، من تصوير مسيو دو لابورد).
Halaman tidak diketahui