وقال ابن وكيع في المعنى
ينم بستر مسترعيه لؤمًا ... كما نم الظلام بسرّ نار
أنم من النصول على مشيب ... ومن صافي الزجاج على عقار
ولقد أحسن محمد بن شرف القيرواني في قوله يصف نمامًا
وناصت نحو أفواه الورى أذنًا ... كالقعب يلفظ منها كل ما سقطا
يظل بالقول والأخبار مجتهدًا ... حتى إذا ما وعا هازق ما لقطا
والنميمة والكذب رضيعا لبان ... وفي مشوار الدناءة فرسا رهان
قال أبو حيان التوحيدي الكذب شعار خلق وأدب سيء وعادة فاحشة وقل من استرسل معه إلا ألفه وقل من ألفه إلا أذله وأوصى بعض الحكماء ولده فقال إياك والكذب فإنه يزري بقائله وإن كان شريفًا في أصله ويذله وإن كان عزيزًا في أهله وقالوا ثنتان لا يجتمعان الكذب والحياء ارسطا طاليس فضل الناطق على الأخرس بالنطق وزين النطق بالصدق وقال بزرجمهر الكاذب والميت سواء فإنه إذا لم يوثق بكلامه بطلت حياته وقال معاوية يومًا للأحنف وقد حدثه أتكذب قال والله ما كذبت منذ علمت أن الكذب شين وقال بعض الأعراب عجبت من الكذاب المشيد لكذبه وإنما هو يدل الناس على عيبه ويتعرض للعقاب من ربه فالآثام له عادة والأخبار عنه متضادة إن قال حقًا لم يصدق وإن أراد خيرًا لم يوفق فهو الجاني على نفسه بفعاله الدال على فضيحته بمقاله فما صح من صدقه نسب إلى غيره وما صح من كذب غيره نسب إليه ويقال الكذب جماع النفاق وعماد مساوي الأخلاق عار لازم وذل دائم يخيف صاحبه نفسه وهو أمن ويكشف ستر الحسب عن لؤمه الكامن قال الشاعر
إن النموم أغطى دونه خبري ... وليس لي حيلة في مفتري الكذب
لا يكذب المرء إلا من مهانته ... أو عادة السوء أو من قلة الأدب
1 / 68