عنه سبيله واجعلني في القد مكانه ففعل وبعث إلى قومه فأتوه بما فدى به نفسه وذكر إن بني كلب بن وبرة أغاروا على حي من أحياء العرب فقتلوا منهم عشرة أنفس غيلة فاستنجدوا عليهم وقالوا أما الثأر وأما الديات فسألوهم المهلة في ذلك إلى أجل فأجابوا فخرج بنو كلب يسألون قبائل العرب المعونة حتى قدموا أرض تميم فقروا ماء ماء وحيا حيا فلم يجدوا أحدًا يدفع عنهم ولا يعينهم وكانوا زهاء مائة نفس فمروا بعطارد بن حاجب بن زرارة بن عدي فسألوه ذلك فقال قولوا شعرًا وخذوها فلم يكن فيهم من يقول شعرًا فتركوه ومضوا فأتوا على بني مجاشع فمروا بواد قد امتلأ إبلًا وبه صعصعة جد الفرزدق وهو بفناء إبل له فسألوه القرى فقال لكم البذل قبل القرى ما الذي جئتم فيه فأخبروه بأمرهم فأعطاهم عشر ديات ثم أنزلهم وأضافهم فقالوا أرشدك الله من سيد أرحتنا من طول التعب ولو عرفناك لقصدناك وصعصعة هذا أول من ترك وأد البنات وفداهن بماله وكفت العرب عن وأدهن من بعد ومما يمتزج بما ذكرناه امتزاج اللبن بالماء القراح ويتعلق به تعلق الأنامل بالراح ما حكاه الجهشياري في كتاب الوزراء إنه لما تفرق الأمر عن مروان بن محمد الجعدي طلب عبد الحميد بن يحيى كاتبه وكان صديقًا لعبد الله بن المقفع ففاجأه الطلب وهما في بيت فقال الذين دخلوا عليهما أيكما عبد الحميد فقال كل واحد منهما أنا خوفًا أن ينال صاحبه مكروه وخشى عبد الحميد أن يسرعوا إلى ابن المقفع ما يكره فقال لهم تثبتوا فإن في عبد الحميد علامات يعرف بها فأرسلوا إلى مرسلكم من يستوصفها منه فأينا وجدتموها فيه فخذوه ففعلوا فوصف لهم عبد الحميد بعلامات اشتمل عليها بدنه فأخذ وحمل إلى أبي العباس السفاح فولي عقوبته عبد الجبار بن عبد الرحمن فكان يحمي له طشتًا ويضعه على رأسه فلم يزل يفعل به ذلك حتى مات وقيل غير ذلك وأنا ذاكره فيما يأتي من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى وقريب من هذه الحكاية ما حكاه صاحب المستجاد قال لما أحرق جامع مصر ظن المسلمون أن النصارى أحرقوه فأحرقوا لهم خانا كانوا يبيعون فيه الزيت فقبض السلطان على جماعة من الذين أحرقوا الخان وكتب رقاعًا فيها القتل وفيها القطع وفيها الجلد ونثرها عليهم فمن وقعت في يده رقعة فعل به ما فيها فوقعت في حجر رجل رقعة فيها القتل فلما قرأها بكى وقال والله لولا
1 / 40