قلت: لم أزل استشكل إطلاق ابن الأثير بما تقرر في فن العربية أن المؤنث على نوعين:
نوع ظهرت فيه التاء.
ونوع قدرت فيه التاء.
فالأول: ثلاثة أقسام:
مؤنث المعنى: نحو عائشة، فهذا لا يذكر إلا ضرورة.
ومؤنث اللفظ: نحو حمزة، فهذا عكس ما قبله لا يؤنث إلا ضرورة.
وما ليس معناه مذكرا حقيقة: كخشبة ونحوه، فهذا يؤنث نظرا إلى لفظه نحو: خشبة واحدة.
وليعلم أن هذا التقسيم فيما يمتاز مذكره عن مؤنثه، فإن لم يتميز نحو: نملة، أنث مطلقا؛ ولذا وهم من استدل على كون نملة سليمان على نبينا وعليه الصلاة والسلام بقوله تعالى: { قالت نملة } (1)، حسبما هو مبسوط في محله.
وأما النوع الثاني: وهو الذي قدرت فيه التاء، نحو: كتف ونعل ويد، ونحوها فمأخذه السماع، ويدل على أن فيه تاء مقدرة رجوعه في التصغير نحو: كتفية، ويعرف تأنيثه بعود الضمير وحذف تاء العدد وغيرهما، فإن سمع تأنيثه ولم ترد التاء في تصغيره فشاذ كالألفاظ المذكورة التي منها نعل، والله أعلم.
ثم رأيت للمولى عصام الدين في ((شرح الشمائل)) اعتراضا على نحو إطلاق ابن الأثير عند شرح قوله نعل واحد: الظاهر واحدة، ويوجه تذكيره بأن النعل مؤنث غير حقيقي.
ويرد عليه أن الفرق بين الحقيقي وغيره في إسناد الفعل وشبهه إليه لا في العدد. انتهى.
وهو موافق لما ما سنح لي، إذ ليس مراده بالعدد الحصر فيه حسبما هو معلوم.
ومن يده أخذ العلامة ابن حجر إذ قال في شرح الحديث المذكور: في نسخة واحد، ويحتاج لتأويل، ولا يكفي في كون تأنيثها غير حقيقي. انتهى.
Halaman 16