قلت: وقد كفر بعض من لا علم له الطائفة الصوفية الصافية بتفسيرهم الآيات القرآنية بما لم يشهد به النقل، من ذلك؛ تفسير النعلين بالمقدمتين، وليس كذلك؛ فإنه ليس غرضهم من تفاسيرهم القطع والحتم، بل مجرد الإشارة، وهو لا يوجب التكفير، بل هو عين الإيمان، وحق الإيقان.
ورأيت في كتاب ((التفرقة بين الإسلام والزندقة)) للإمام حجة الإسلام الغزالي(1) أنه قال في فصل من فصوله: من الناس من يبادر إلى
التأويل بغلبات الظنون من غير برهان، ولا ينبغي أن يبادر إلى تكفيره في كل مقام، بل ينظر فيه، فإن كان تأويله في أمر لا يتعلق بأصول العقائد ومهماتها فلا يكفره، وذلك كقول بعض الصوفية: إن المراد برؤية الخليل على نبينا وعليه الصلاة والسلام الكواكب والقمر والشمس وقوله هذا ربي: غير ظاهر، بل هي جواهر نورانية ملكية لا حسية، وقد تأولوا العصا والنعلين في قوله تعالى: { فاخلع نعليك } (2)، وقوله: { وألق ما في يمينك } (3)، ولعل الظن في مثل هذه الأمور التي لا تتعلق بأصول الدين تجري مجرى البرهان، فلا يكفر به ولا يبدع. انتهى كلامه ملخصا.
هذا كلام وقع في البين، ونرجع إلى ما كنا بصدده.
Halaman 54