وقد أوضح أبن خلدون أكيد الحاجة إلى الملكة الراسخة التي يقتدر بها على التنظير والتفرقة، وهي المتوفرة لدى فقهاء عصره بعد أن ضاق مجال الاجتهاد وانعدام المطلق منه، يقول عن هولاء الفقهاء: (.... لم يكن لهم سبيل إلى الاجتهاد والقياس فاحتاجوا إلى تنظير المسائل فِى الإلحاق وتفريقها عند الاشتباه بعد الاستناد إلى الأصول المقررة من مذهب إمامهم، وصار ذلك كله يحتاج إلى ملكة راسخة يقتدر بها على ذلك النوع من التنظير أو التفرقة، واتباع مذهب إمامهم فيها ما استطاعوا، وهذه الملكة هي علم الفقه لهذا العهد) (١).
تآليف الفروق الفقهية
قبل أن تستقل الفروق الفقهية بمصنفات خاصة كانت الفروق متداولة على ألسنة الفقهاء، تنبني عليها أحكام، وينجم عنها الاستثناء من القواعد.
وفي الكتب الفقهية تتناثر كثير من الفروق (٢)، نذكر منها للتمثيل هذه الفروق:
١ - جاء في الفرق بين انعزال الوكيل إذا مات موكله وعدم انعزال القاضي إذا مات الخليفة الذي ولاه، ما يلي:
_________
(١) المقدمة: ٣٢١.
(٢) الذين ساقوا فروقًا في كتبهم الفقهية أبو الوليد الباجي في (المنتقى: ٥/ ٥٣) وفي (فصول الأحكام: ح ١٦٦ - ١٦٧) وأبو عبد الله الحطاب في (مواهب الجليل: -٢٣٦١؛ - ١/ ٢٤٠، (فرق منقول من التوضيح لخليل بن إسحاق) ٢/ ٥٣٨، وأبو علي الحسن بن رحال في: كشف القناع: ٨٠ فرق من تنبيهات عياض في تضمين الصناع والأجزاء).
1 / 55