والفرق الصحيح هو الذي أورده أبو العباس الونشريسي، ونصه: (إنما تقضي الحائض الصوم ولا تقضي الصلاة، وكلاهما عبادة بدنية، لأن المشقة تلحق في قضاء الصلاة لتكرارها، فلو ألزمت القضاء لشق ذلك عليها، ولأنها كما تشاغلت به تعطلت عن أشغالها وعما يصلح من شأنها، ولا كذلك الصوم، إذ لا مشقة في قضائه، إذ هو غير متكرر في السنة، وربما حاضت فيه وربما لم تحض) (١).
هذا وقد كان الإمام أبو عبد الله المازري (-٥٣٦) أشار إفى أهمية التفريق بين المسائل، واعتبر أن أقل مراتب الفقهاء تقتضي مستوى معينًا من المعرفة الفقهية، وعناصر من الثقافة الشرعية، منها القدرة على التنظير بين المسائل المتشابهة والتفريق بين المختلفة، يقول الإمام المازري: (الذي يفتي في هذا الزمان أقل مراتبه في نقل المذهب أن يكون قد استبحر في الاطلاع على روايات المذهب وتأويل الشيوخ لها وتوجيههم فيها: من اختلاف ظواهر واختلاف مذاهب، وتشبيههم مسائل بمسائل قد يسبق إلى النفس تباعدها، وتفريقهم بين مسائل ومسائل قد يقع في النفس تقاربها وتشابهها) (٢).
وهذا المعنى لاحظهُ أبو القاسم البرزلي (-٨٤١) بعد ذلك، وحذر ممن يدعي الاجتهاد ويعمد إفى القياس وهو جاهل بالفروق غير بصير بما، يقول: (قد يطرأ من يظن أنه بلغ رتبة الاجتهاد، فينظر المسائل بعضها ببعض، ويُخرج، وليس بصيرًا بالفروق) (٣).
_________
(١) عدة البروق: ١٠٣، الفرق: ٣٧.
(٢) مواهب الجليل، للحطاب: ٦/ ٩٧.
(٣) النوازل: ١/ ٩/ ب.
1 / 54