أنب السيد دي تريفي الفرسان الثلاثة علنا، ورغم ذلك فقد هنأهم فيما بينه وبينهم، على انتقامهم السريع الحاسم من حرس الكاردينال.
ونتيجة لمسلك دارتانيان، الذي لا يهاب شيئا، ألحق على الفور بجماعة من حرس الملك، للتدريب تحت إمرة السيد ديسار. وهكذا، في ظروف أكثر ملاءمة مما كان بوسع ذلك الغسقوني الشاب أن يتصور، وجد نفسه في طريقه لأن يصبح فارسا. وعلاوة على ذلك، رحب به رفيقا للثلاثة الذين لا ينفصلون؛ آثوس وبورثوس وأراميس، وصار يقضي معهم جل وقته.
الفصل الثاني عشر
ميلادي
بعد ذلك بنحو شهرين، تصادف أن كان دارتانيان يسير متباطئا في أحد شوارع باريس، فإذا بسيدة تجذب انتباهه، وهي تهبط درجات سلم منزل. لم تكن صغيرة السن وبارعة الجمال فحسب، بل كان من الواضح أنها سيدة من طبقة راقية؛ إذ كانت تسير خلفها خادمتان. وبينما هي تستدير لتصدر أمرا لإحداهما، قفز قلب دارتانيان؛ إذ عرف أنها سيدة ميونغ، السيدة التي خاطبها الرجل ذو الندب بقوله: «ميلادي.»
لحسن حظ دارتانيان أن تلك السيدة لم تتعرف عليه؛ ومن ثم فقد أمكنه أن يقتفي أثرها دون أن ينتبه إليه. ركبت عربتها عند قارعة الطريق تماما، وسمعها تأمر سائقها بأن يسير في الطريق المؤدي إلى سان جيرمان، وهي ضاحية جميلة خارج باريس.
لم يكن اهتمام دارتانيان الشديد بميلادي؛ بسبب جمالها الفاتن، الذي جذبه يقينا، وإنما لأنه تأكد من أنها إحدى جواسيس الكاردينال، وتاق إلى اكتشاف اللغز المحيط بها. أضف إلى ذلك، أنها تحدثت إلى عدوه، الرجل ذي الندب؛ وبناء عليه، فلا بد أنها تعرفه. فإذا ما تتبعها، فقد تقوده إلى ذلك الرجل، وبطريقة ما، أو بغيرها، يمكنه أن يكتشف شيئا عنه.
وإذ كان من العبث أن يتبع العربة على قدميه، فقد أسرع إلى إسطبل خيول الحرس، وانتقى حصانا. وسرعان ما كان في طريقه هو أيضا، إلى سان جيرمان.
لم يستغرق بحثه عن آثار العربة طويلا؛ إذ رآها تجرها الخيول في شارع جانبي هادئ، ويسير إلى جانبها رجل فخم الملبس، على صهوة جواده.
شغل الرجل مع ميلادي في حديث هام، فاقترب دارتانيان من الجانب الآخر للعربة، دون أن يلحظه أحد سوى خادمة تلك السيدة الحسناء، الجالسة قبالة سيدتها.
Halaman tidak diketahui