Foundations and Methods of Da'wah 1 - Al-Madinah University
أصول الدعوة وطرقها ١ - جامعة المدينة
Penerbit
جامعة المدينة العالمية
Genre-genre
وقد استمرت اللغة العَربية يتحدّث العَرب بها دون قَواعد تُضبَط، والنُّطقَ بها قَبل بِعثة الرسول ﷺ وخِلال حياته ﷺ، وإبّان نُزول القرآن الكريم، كان يُكْتب بدون تَشكيل ولا عَلامات إعراب. ومع انتشار الإسلام، واختِلاط العَرب بغيرهِم من الأمم، فشا اللحن، وكَثُر الخَطأ، وتخوّف المسلمون أن يَتسرَّب هذا إلى القرآن الكريم، فيَلحَق به ما لَحِق بالكُتب السماوية السابقة من تَحرِيف وتَغيير.
وبَدأت أمارات اللّحن وبوادِر خَطره، حينما قَدِم أعرابي إلى المدينة في خِلافة عمر بن الخطاب ﵁، فقال: مَن يُقرِئني شَيئًا ممّا أنزل الله تعالى على رسوله ﷺ؟ فأقرأه رجل من بداية سورة (براءة)، حتى وصل إلى قوله تعالى: ﴿أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ﴾ (التوبة:٣)، فنَطق الرجلُ الذي يقرأ بها: "ورسولِهِ" -بكَسر اللام بدلَ ضَمِّها-، وهذا اللّحن يُفسِد المعنى إفسادًا كبيرًا. فلما سَمِع الأعرابي هذا، قال: وأنا أبرأ ممّا بَرئ الله منه، ورَجَع على عَقبيْه. فبلغت مقالتُه عمرَ بن الخطاب. فقال: رُدُّوا عليّ الرجُل! فقال: يا أعرابي، أتبرأ من رسولِ الله ﷺ؟ فقصّ الرجل عليه قِصّتَه.
فقال عمر: ليس هذا يا أعرابي، فقال: كيف هي يا أمير المؤمنين؟ فقال عمر ﵁: ﴿أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ﴾ (التوبة:٣) -برفع اللام-، فقال الأعرابي: وأنا والله أبرأ ممَن بَرِئ الله ورسوله منهم.
فأمَر ﵁ أبا الأسود الدؤلي المَولود عامَ واحد قَبل الهِجرة، أن يضع ضَوابط اللسان العربي. وقِيل: إن عليًا بن أبي طالب ﵁ هو الذي أمره بذلك.
فقد روى أبو الأسود الدؤلي أنه قال: "دَخلتُ على أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب ﵁ فوجدت بيده رُقعة، فقلت: ما هذا يا أمير المؤمنين؟ فقال: إني تأمّلت كلام العَرب فوجدتُه قد فَسد بمخالَطة هذه الحَمراء -يعني: الأعاجِم-،
1 / 27