177

Foundations and Methods of Da'wah 1 - Al-Madinah University

أصول الدعوة وطرقها ١ - جامعة المدينة

Penerbit

جامعة المدينة العالمية

Genre-genre

ولذا، فإن أكبر خطبة لرسول الله ﷺ هي: خطبته في حجة الوداع، لا تتجاوز عدّة دقائق، ولكنها خرجت من أطيب فم وأطهر لسان، وأحسن حديث وأروعه، فتشربها النفوس كما تروى من الظمإ، واستقرت في عقلها وقلبها تُردِّدها الأجيال ويرويها التاريخ. قال تعالى: ﴿فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى * سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى﴾ (الأعلى:٩،١٠). وقال تعالى: ﴿وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلا مَنْ يُنِيبُ﴾ (غافر:١٣). رابعًا: التآلف والسِّتْر على الدّاعية أن يجذب إليه النفوس، بطلاقة الوجْه، وحُسْن المظهر، وجمال الخُلُق، وأن يكون في دعوته مِن دُعاة التآلف والوحدة: يتألّف الناس بالكلمة الطيبة، وبالعطاء إن أمكن ولو قليلًا. ولقد تألّف رسول الله ﷺ صناديد قريش وقُساتها؛ فحينما أشار عليه عمه العباس بن عبد المطلب أثناء فتح مكة، وقال له: "إن أبا سفيان رجل يحبّ الفخر، فأعْطه شيئًا". فقال ﷺ: «مَن دخل دار أبي سفيان فهو آمِن»، فتألّفه بهذا. وحينما أعطى المؤلَّفَة قلوبهم عقِب فتح مكة عطاءً سخيًا، ممّا جعلَهم يخلعون كلّ صلة لهم بالكفر، ويصبحون حماةً للإسلام. ومن صوَر التآلف التي نضعها أمام أعين الدارسين والدّعاة: ما روي عن سعد بن أبي وقاص ﵁ قال: «أعطى رسول الله ﷺ رهطًا، وسعد جالسٌ. فترك رسول الله ﷺ رجلًا هو أعجبهم إليّ، فقلت: يا رسول الله. ما لَك عن فلان؟ فوالله إني لأراه مؤمنًا، فقال: أوْ مسلمًا؟. ثم غلبني ما أعلم منه، فعُدتُ لمقالتي: فقلت: ما لك عن فلان؟

1 / 194