Fitnah Besar (Bahagian Kedua): Ali dan Anak-anaknya
الفتنة الكبرى (الجزء الثاني): علي وبنوه
Genre-genre
كذلك كانت سيرة علي، وكذلك كانت سيرة النبي والشيخين، ولكن عليا خالف عن سيرة عمر كما رأيت في شيء واحد، وهو أمر المال.
خالف عن سيرة عمر، ولكنه وفى لرأيه الذي أشار به على عمر، فقد أشار عليه حين كثر المال أن يقسم كل ما يرد عليه بين الناس حتى لا يترك في بيت المال شيئا، كان يؤثر ذلك لتبرأ ذمة الخليفة من أي حق قد يتعلق بالمال الذي يدخر أو يستبقى، ولكن النوائب تنوب والخطوب تلم، وما ينبغي لبيت المال أن يفاجأ بالأحداث حين تحدث، فكان عمر أحزم في سياسته وأنظر للمصلحة العامة، وكان علي أشد احتياطا لنفسه إن أمكن أن يحتاط إمام لنفسه أكثر مما احتاط لها عمر.
الفصل الثامن والثلاثون
أما سيرة علي في عمال الأقاليم وولاتها فلم تنحرف عن سيرة عمر قليلا ولا كثيرا، وإنما هي سنة سنها النبي والشيخان، وأحياها علي بعد أن أدركها شيء من الضعف والإهمال في الأعوام الأخيرة لخلافة عثمان.
كان علي شديد المراقبة لعماله، يشدد عليهم في الحساب، وفي استيفاء ما يلزمهم من حقوق الناس، ويشدد عليهم في سيرتهم العامة والخاصة فيعطي كل واحد منهم عهدا يقرؤه على الناس حين يتولى أمرهم، فإذا أقروه بعد قراءته عليهم فهو عقد بينهم وبين حاكمهم، لا يجوز لهم ولا له أن ينحرفوا عنه أو يتأولوه، فإن انحرفوا عنه وجبت عليهم العقوبة وأنفذ الحاكم في المخالفين هذه العقوبة، وإن انحرف الحاكم عنه وجبت عليه العقوبة وأنفذها فيه الإمام نفسه.
ثم كان علي يرسل الأرصاد والرقباء ليظهروا على سيرة العمال ويرفعوا منها إليه ما يجب أن يرفعوه، يستخفي بعض هؤلاء الأرصاد والرقباء بمهمتهم، ويظهر بها بعضهم، وكان كل رجل من أهل الأقاليم رصدا ورقيبا على حاكمه، يستطيع أن يشكوه إلى الإمام كلما انحرف عن العهد الذي أخذ عليه.
وربما توسط علي لأهل إقليم من الأقاليم عند أميرهم في بعض ما يرون لأنفسهم من مصلحة تنفعهم أو تسوق إليهم خيرا.
جاءه أهل ولاية من الولايات فزعموا له أن في بلادهم نهرا قد عفا ودرس، وأن في حفره وإعادته لهم وللمسلمين خيرا، وطلبوا إليه أن يكتب إلى الوالي في أن يسخرهم في احتفار هذا النهر، فقبل منهم احتفار النهر وكره منهم ما طلبوا من التسخير، وكتب إلى عامله قرظة بن كعب:
أما بعد، فإن قوما من أهل عملك أتوني فذكروا أن لهم نهرا قد عفا ودرس، وأنهم إن حفروه واستخرجوه عمرت بلادهم، وقووا على كل خراجهم، وزاد فيء المسلمين قبلهم، وسألوني الكتاب إليك لتأخذهم بعمله وتجمعهم لحفره والإنفاق عليه، ولست أرى أن أجبر أحدا على عمل يكرهه، فادعهم إليك فإن كان الأمر في النهر على ما وصفوا، فمن أحب أن يعمل فمره بالعمل، والنهر لمن عمل دون من كرهه، ولأن يعمروا ويقووا أحب إلي من أن يضعفوا، والسلام.
وشكا إليه أهل ولاية أخرى أن عاملهم يزدريهم ويقسو عليهم، فنظر في أمرهم فاستبان له أنهم ليسوا أهلا للازدراء، فكتب في أمرهم إلى عامله عمرو بن سلمة الأرحبي:
Halaman tidak diketahui