Fikiran Arab Moden: Pengaruh Revolusi Perancis dalam Arahannya Politik dan Sosial
الفكر العربي الحديث: أثر الثورة الفرنسية في توجيهه السياسي والاجتماعي
Genre-genre
20
وهنا نفضي إلى القول: إن مفكرينا الأحرار الذين فرقوا بين الثورة والفتنة، ورأوا أحوالا يصبح فيها التبديل والتحويل ضروريا، وأدركوا أن أصحاب الامتيازات وأنصار النظام الراهن لهم منطق يبتعد بهم عن فهم منطق طلاب الانقلاب ومريدي الإصلاح (بحيث يتعذر الحل السلمي الناجع)، رأوا عند ذاك أن الثورة ضرورة واجبة. ولما كانت واجبة كان لا بد من قبول كل ما يرافق طبيعتها، اعتقادا بأن ذلك مغرم لا مفر منه لمغنم مرغوب فيه. وهكذا أجاب أدباؤنا ومفكرونا عن السؤال الذي عرض لهم فيما يتعلق بعنف الثورات وقسوتها بما يلي: «إن التنديد برجال الثورة والاستياء من النهضة بجملتها والنفور من هولها والفرار من نارها المحرقة المنيرة ... ذنوب لا تغتفر للمؤرخ إذا اقترفها؛ فالطفل يولد في الألم والعذاب، والجمهوريات تنشأ في الثورات والحروب، والأم تتألم ساعة الولادة وكذلك الأمة.»
21
والذي يستفاد من إحدى كلمات أديب إسحاق أنه لا يحمل الثوار تبعة أعمال العنف التي ترافق الثورات، بل هو يرى أن ما يأتيه الثائرون ليس سوى رد على فعل سبق، ويخاطب الجماهير الهائجة بقوله: «ما أنتم بأصحاب الثورة، وإنما أصحابها الذين يوجبونها بما يظلمون!»
22
ولكن مسألة أخرى عرضت لأدبائنا ومفكرينا فيما يتعلق بقضية الثورة، وكان أهم ما أحدث هذه المسألة وقوع الانقلاب العثماني وإعلان الدستور وانطلاق موجة من الحماسة والفرح أسفرت بعد قليل عن فتور وانقباض. لقد سدد الانقلاب العثماني ضربة إلى سلطة مطلقة هي سلطة عبد الحميد، وصك دستورا ديمقراطيا يعترف «بحقوق الإنسان» ويؤكد حمايتها، وأقر مجلسا نيابيا منتخبا من الشعب، وجعل الأمة موئل السيادة؛ وأقر مبدأ الحكم الشوري الحديث، فكان في ذلك كله شبيها بالثورة الفرنسية. على أنه مع ذلك لم يثمر الثمرة المنتظرة،
23
لم يتناول الدولة وحياة البلاد بتغيير عميق ثابت كما تناولت ثورة السنة 1789 دولة فرنسا وحياتها.
فما السبب؟ ما السر؟ هكذا تساءل أدباؤنا ومفكرونا.
وكان جواب الدكتور شبلي الشميل نافذا مقنعا؛ فقد رد السبب والسر في تقصير الثورة العثمانية إلى «عدم اشتراك الأمة فيها اشتراكا محسوسا بسوى الإكثار من التغني في أول الأمر، وهي اليوم تكثر من العويل ولا تتعداه إلى عمل حازم، وتخرسها أقل كمامة؛ فثورتنا حتى الآن عسكرية اقتصر فيها التغيير على صورة الهيئة الحاكمة؛ فلم تغير شيئا من أخلاقنا ولم تتصل إلى علومنا وصناعتنا وتجارتنا.»
Halaman tidak diketahui