Fikiran Arab Moden: Pengaruh Revolusi Perancis dalam Arahannya Politik dan Sosial
الفكر العربي الحديث: أثر الثورة الفرنسية في توجيهه السياسي والاجتماعي
Genre-genre
10
ويشيد مونتسكيو بالمساواة، ولكنه لا يقصد بها انتفاء الحكم؛ «فالمساواة الصحيحة لا تستهدف أن يخلو الإنسان من آمر، بل تستهدف أن يكون آمره مساويا له»، و«الناس في الحكومة الجمهورية متساوون، وكذلك هم في الحكومة المستبدة؛ ففي الأولى هم متساوون لأنهم كل شيء، وفي الثانية هم متساوون لأنهم ليسوا شيئا.» ومع هذا لم يكن مونتسكيو جمهوريا، بل كان أميل إلى حكم الملكية المقيدة (أي الدستورية).
ويلقي مونتسكيو على عاتق الدولة واجب النظر في تأمين راحة رعاياها الاقتصادية، فيقول: «إن بعض الصدقات التي نتكرم بها على رجل عار في الشارع لا تغني عن واجبات الدولة التي يلزمها أن تجعل لكل المواطنين حياة مضمونة؛ غذاء وكساء صالحا، ونوعا من معيشة لا ينافي الصحة.» غير أن مونتسكيو كان في هذا سابقا لعصره ولهدف الثورة الفرنسية.
وله في تعريف الحكومة الاستبدادية كلمة رائعة حيث يقول: «عندما يريد متوحشو لويزيانا قطف الثمار يقطعون الشجرة من أصلها ويتناولون منها ما يريدون. تلك هي الحكومة الاستبدادية.»
11
ومقصده هو أن الحكومة الاستبدادية لا تنتج، ولا تعين على الإنتاج، بل تأخذ ما تريده لساعتها، ولو كان ذلك بطريقة فيها إتلاف المنتج وقطع مصدر الإنتاج. وفي هذا رائحة تنديد بالسياسة الفجة التي كان ينتهجها البلاط الفرنسي لسد نفقاته وحفظ الموازنة، سياسة شعارها: كلما احتجتم افرضوا على الشعب الضرائب، وإذا اضطررتم فسموها قرضا شعبيا.
وقد يكون من المفكرين من ينكر على مونتسكيو ثورته وتأثيره الثوري. وصحيح أن الرجل كان كما أسلفنا أميل إلى الملكية المقيدة؛ فهو من هذا القبيل معتدل، ثم هو لا ينظر في السياسة إلى ناحية المبادئ وحسب، بل ينظر أيضا إلى الذين تطبق عليهم المبادئ، ويحسب الحسابات لجملة اعتبارات أخرى منها الإقليم والمناخ. ثم هو يعرف الحرية بأنها الخضوع للقانون الكامل. وليس في هذا كله ما يلغي ثوريته وتأثيره الثوري؛ فالاعتقاد بالملكية الدستورية كان مذهبا انقلابيا خطرا في فرنسا يوم ذاك، وأوجه أعلام الثورة الفرنسية في مفتتح شأنها كميرابو وباراناف وسيياس، كانوا ملكيين دستوريين، بل إن الثورة نفسها في أول عهدها لم تكن تستهدف إعلان الجمهورية وإلغاء الملكية. وتقسيم النظر بين المبادئ والذين تطبق عليهم يزيد في قيمة مونتسكيو العلمية ولا يعارض ثوريته. أما رأيه في الحرية أنها الخضوع للقانون الكامل فمغزاه يتوقف على المقصود بالقانون الكامل. ومهما يكن من شيء فإن مونتسكيو لم يعن به القانون الاستبدادي. أما القانون، أصلا، والرضوخ له، فأمر لا يشك عاقل في أنه شرط من شروط الحرية ووقايتها.
ومع ذلك يجوز لنا القول إن مونتسكيو لما عرف الحرية بأنها الخضوع للقانون الكامل، نسي عنصرا لا بد منه للحرية هو: ضرورة اشتراك الذين يطيعون القوانين في وضعها.
12
ومن مونتسكيو ينتقل بنا الحديث إلى فولتير، ملك القرن الثامن عشر غير المتوج كما لقب، والعاهل الذي ليس له صولجان ولكن له يراع كما قال هو عن نفسه لفردريك الكبير البروسي.
Halaman tidak diketahui