Fikiran Arab Moden: Pengaruh Revolusi Perancis dalam Arahannya Politik dan Sosial
الفكر العربي الحديث: أثر الثورة الفرنسية في توجيهه السياسي والاجتماعي
Genre-genre
ولقد أدرك الملوك المطلقون ذلك فكانوا يتألبون على إخماد جذوة الثورة أين شبت خوف تطاير شرارها إلى ممالكهم من تألب إنكلترا والنمسا وروسيا وبروسيا على إخماد الثورة الإفرنسية الأولى أم الثورات ونور الحرية. ولا أخالنا نحن العثمانيين قد نسينا نظر الروسية إلينا شزرا يوم نلنا الدستور للمرة الأولى ولم يكن قد تشكل فيها بعد مجلس الدوما.
قد لا يدرك الشعب الذي طال عليه عهد الاستعباد أن الإنسان يولد حرا وأن استعباده إنما هو أمر اغتصابي حتى لقد يتوهم أن حالة العبودية هي حالة طبيعية له لا يستغربها ولا يستنكف منها، بل لو قام من طالب له بحقوقه المغتصبة رأيناه واقفا إلى جانب السلطة حائلا بينها وبين حقوقه. ولا يلبث من يشك بصحة هذا القول إلا ريثما يرجع إلى تاريخ ثورات الأمم فتبين له مكانة هذه الدعوى من الحقيقة. حتى إنه لا وجوب لمراجعة التاريخ؛ فهذه الثورة الروسية وعهدها غير بعيد بل لا يزال شرارها متطايرا هي شاهد ناطق بذلك. ولا عبرة بالقول إن الجيش وليس الشعب هو الحائل بين الأمة والحكم الدستوري، فإنما الجيش من الشعب فلو كان الشعب متنورا عالما بحقوقه لكان الجيش المستمد منه قد عرفها أيضا.
ومما يدلك على مكانة وقوف الشعب على حقوقه الطبيعية من الخطورة في الثورات السياسية أن فلاسفة الإفرنسيس وأكابر كتابهم من مثل فولتير وجان جاك روسو ومونتسكيو توخوا تعليم الأمة ذلك قبل إعلان الثورة الإفرنسية بمدة بعيدة فما ثارت إلا وهي عالمة بما تطالب به السلطة وملمة بالطرق الموصلة إليه. وكان من بادئ أعمال دعاة الثورة لأول التئام الجمعية الوطنية أنهم نشروا على رءوس الأشهاد منشورا عنوانه «إعلان حقوق الإنسان».
وإنك لترى في رجوعك إلى تاريخ الثورة الأميركية أنه قد كان إعلانها على أثر منشور هو بنفس العنوان المذكور وبما يقارب مضمونه معنى. بل لو بحث باحث بحثا دقيقا في نظامات الحكومات الشوروية وقوانينها الأساسية لاتضح له أنها مبنية على حقوق الإنسان الطبيعية.
ولم يتعمد رجال الثورة من كلتا الأمتين في إعلان حقوق الإنسان مجرد تحريض الشعب ودفعه إلى الهياج والفتنة، بل رموا إلى أمر مهم هو تعليم الفرد من الناس ما له من الحقوق على الأمة
2
وما للأمة من الحقوق على السلطة ومنزلة السلطة من الأمة، حتى إذا عرف ذلك نهض مع دعاة الثورة وكاتفهم في كبح جماح السلطة وإكراهها على ردها إليه حقوقه المغتصبة وحصرها ضمن دائرة لا تتعداها.
إذا ظل السواد الأعظم من الشعب جاهلا لحقوقه الطبيعية ولمنزلة السلطة من الأمة وانحصر العلم في ذلك بفئة معدودة فقامت تطالب الملك المطلق بحقوق الشعب، فالأرجح أنه لا يتيسر لها ذلك وكان مصيرها الويل والفشل. حتى إنها لو تمكنت من بغيتها وقيدت الملك بالشورى فليس ثمة ما يضمن للأمة بقاء الحالة الناشئة، بل الأقرب أن الملك سيعيد الحالة الماضية إما بإغراء زعماء الثورة وهم قليلون، وإما باستمالة الشعب الجاهل لحقوقه والذي يخيل له كما أسلفنا أن العبودية حالة طبيعية وأن السلطة هابطة على الملك من قوة وراء الطبيعة لا يسوغ للبشر مساسها.
ولك في تواريخ الأمم الحاضرة ما ينطبق على مثل ما نحن في صدده، بل لا أسألك العودة إلى التاريخ لترى ذلك؛ فإن لك في جارتنا الأمة الفارسية، بل الأمة العثمانية نفسها لأول عهد جلالة السلطان الحالي، مثالا قريبا؛ فكل من الملكين، قياما بطلب فئة معدودة من الشعب، أنال أمته الدستور، إنما ما عتم أن تمكن من ملكه فاسترد ما أناله وأعاد الحكم الاستبدادي المطلق، فكان من وراء ذلك أن الأمة العثمانية بقيت نحوا من ثلاث وثلاثين سنة في حالة من العبودية لم يسطر التاريخ الحديث لها مثيلا. (عن كراس «عبرة وذكرى»، وفيه مجموعة مقالات للدكتور تابت كتبها لمناسبة إعلان الدستور العثماني السنة 1909)
عبد الرحمن عزام1
Halaman tidak diketahui