وقد طبعت الفنون الإسلامية بطابع هذه الرسوم الهندسية، حتى إن برجوان
Bourgoin ، العالم الفرنسي السالف الذكر، أشار في معرض دراستها وتحليلها إلى ثلاثة فنون عظيمة؛ هي: الفن الإغريقي، والفن الياباني، والفن العربي (الإسلامي)، وشبهها بالفصيلة الحيوانية والنباتية والمعدنية على الترتيب؛ إذ إنه شاهد في الفن الإغريقي عناية بالنسبة وبالأشكال التجسيمية
Forms ، وبدقائق الجسم الإنساني والحيواني، بينما عرف في الفن الياباني دقة في تمثيل المملكة النباتية، ورسم الأوراق والفروع والزهور. أما في الفن الإسلامي، فقد ذكرته الأشكال الهندسية المتعددة الأضلاع بالأشكال البلورية التي توجد عليها بعض المعادن.
الزخارف النباتية
أما العنصر النباتي في الزخارف الإسلامية، فقد تأثر كثيرا بانصراف المسلمين عن استيحاء الطبيعة وتقليدها تقليدا صادقا أمينا، فكانوا يستخدمون الجذع والورقة لتكوين زخارف تمتاز بما فيها من تكرار وتقابل وتناظر، وتبدو عليها مسحة هندسية جامدة تدل على سيادة مبدأ التجريد والرمز في الفنون الإسلامية (شكل
4-9 ). وأكثر الزخارف النباتية ذيوعا في الفنون الإسلامية الأرابسك، وقد عمت هذه التسمية حتى كادت تطلق على كل الزخارف النباتية الإسلامية، ولكن الحقيقة أن الأرابسك هي الزخارف المكونة من فروع نباتية وجذوع منثنية ومتشابكة ومتتابعة، وفيها موضوعات زخرفية مهذبة (stylisé)
ترمز إلى الوريقات والزهور، وتسمى أحيانا بالمت أو نصف بالمت.
شكل 4-9: حشوة من الخشب المحفور ذي الزخارف النباتية، من صناعة مصر في القرن العاشر أو الحادي عشر، محفوظة بدار الآثار العربية في القاهرة.
وقد بدأ ظهور زخارف الأرابسك في القرن التاسع الميلادي، فنراها في التحف والزخارف الجصية التي كانت تغطي الجدران في مدينة سامرا بالعراق، وفي مصر إبان العصر الطولوني، الذي كان متأثرا كل التأثر بالأساليب الفنية العراقية؛ نظرا لأن ابن طولون نشأ في سامرا، ونقل منها إلى مصر الأساليب الفنية التي كانت محبوبة في العراق، كما نرى بدء زخارف الأرابسك على التحف الخشبية التي عثر عليها في سامرا، أو التي ترجع أيضا إلى العصر الطولوني. وتطورت زخارف الأرابسك في العصر الفاطمي حتى بلغت بعد ذلك غاية عظمتها في العالم الإسلامي منذ القرن الثالث عشر (شكل
4-10 ).
Halaman tidak diketahui