3
ويتجلى من دراسته الطريفة أن براعة المسلمين في الزخارف الهندسية لم يكن أساسها الشعور والموهبة الطبيعية فحسب، بل كانت تقوم على علم وافر بالهندسة العلمية، وأعجب الغربيون بهذه الرسوم الهندسية، وقلدها بعضهم، حتى ليروى عن ليوناردو دافينشي أنه كان يقضي ساعات طويلة يرسم فيها الزخارف الهندسية الإسلامية (شكل
4-7 ).
شكل 4-5: مصراع باب فيه حشوات من العاج المحفور والمنزل، وهو من الصناعة المصرية في القرن الخامس عشر، ومحفوظ الآن في متحف فكتوريا وألبرت بلندن.
شكل 4-6: كرسي من نحاس مخرم منشوري الشكل، ومسدس الأضلاع، ومكفت بالفضة، وعلى جوانبه زخارف هندسية مختلفة. وهو من صناعة مصر في القرن الرابع عشر الميلادي، ومحفوظ بدار الآثار العربية.
ولسنا نظن أنه كانت ثمة كتب عند المسلمين فيها نماذج الزخارف الهندسية الإسلامية الذائعة، ولكنا نرجح أن هذه الزخارف كانت سرا من أسرار الصناعة يتلقاه الصبيان عن معلميهم في الفن والمهنة.
شكل 4-7: زخرفة إسلامية لليوناردو دافنشي.
والمشاهد أن الزخارف الهندسية أكثر ذيوعا في الطراز المصري السوري منها في سائر الطرز الإسلامية، حتى لقد قيل إنها ترجع إلى الفن المصري القديم، كما قال آخرون إنها تظهر في زخارف الخيام والسجاجيد التي كان يصنعها الأقوام الرحل الذين كانوا يعيشون في أواسط آسيا، وقال فريق ثالث إنها ربما تأثرت بالرسوم الهندسية التي حذقها فريق من صناع الفسيفساء عند البيزنطيين، وورثها عنهم صانعو الفسيفساء المسلمون.
شكل 4-8: زخرفة هندسية إسلامية.
والمعروف أن بعض الزخارف الهندسية التي استخدمها البيزنطيون والقبط انتقلت إلى أيرلندا؛ حيث استخدمت في تزيين الصور التوضيحية في المخطوطات ، ولكن لم يكن لها هناك الوفرة والتعقيد اللذان كانا لها على يد المسلمين، واللذان كان يكسبان بعض أجزائها شيئا من الحركة والحياة.
Halaman tidak diketahui