Rama-Rama dan Kereta Kebal dan Cerita-Cerita Lain: Pilihan Cerita Pendek dari Karya-Karya Penuh oleh Ernest
الفراشة والدبابة وقصص أخرى: مختارات قصصية من الأعمال القصصية الكاملة لإرنست
Genre-genre
وكتب همنجواي عن إسبانيا، البلد الذي أحبه وعشق رياضته الشهيرة وهي مصارعة الثيران، وتعاطف مع أهله إلى درجة أنه شارك في الحرب الأهلية التي نشبت هناك لمدة أعوام ثلاثة. وتقدم المجموعة الحالية إسبانيا في قصص: الفراشة والدبابة، حاضرة الدنيا، مكان نظيف حسن الإضاءة.
أما عن القصص الأفريقية فنقدم منها هنا: ثلوج كليمنجارو، وقصة أفريقية.
والقصة القصيرة عند همنجواي تتصف بالتركيز الشديد، وتشرك القارئ في مطالعة تجربة إنسانية. وأسلوب الكاتب هنا يمثل رأيه في فكرة جبل الثلج العائم الذي لا يظهر للعيان منه سوى ثمن حجمه فقط، بينما بقيته مختفية تحت الماء. فالرواية عنده يمكن أن تظهر من ذلك الجبل الثلجي الكثير مما هو مختف، فطبيعتها تسمح بوجود التفاصيل الضرورية التي تكتمل معها الصورة الشاملة التي تقدمها الرواية. أما القصة القصيرة فهي تقدم الجزء الظاهر فحسب، وتترك للقارئ تشرب البقية وفقا لإحساسه ودرجة تجاربه في الحياة.
والقصة القصيرة على ذلك الوجه قد سمحت لهمنجواي - أكثر مما سمحت له الرواية - أن يتجلى في أسلوبه اللغوي المشهور القائم على التركيز والتخلي عن المحسنات اللفظية والصفات التي لا تخدم الحدث أو الشخصيات، مما سماه النقاد بأسلوب الاقتصاد في التعبير. وهو أيضا يستخدم الحوار على نحو خاص به، يتصف بالإيجاز، والتكرار المقصود، واستخدام المفردات الشائعة المعروفة لدى من يتحدث من شخصيات القصة. وينجح كل ذلك في نقل اللمحات الإنسانية التي يحاول المؤلف أن ينقلها إلى القارئ كما شعر هو بها وهو يكتب القصة (انظر قصة قطة تحت المطر). وهو ينجح في ذلك إلى درجة جعلته واحدا من كبار مؤلفي القصة القصيرة، مثلما هو من كبار مؤلفي الرواية .
ماهر البطوطي
الفراشة والدبابة
في تلك الليلة كنت أسير في طريق العودة إلى مكتب الرقابة إلى فندق «فلوريدا» - وهو بمثابة منزلي - تحت المطر. وفي منتصف الطريق شعرت بالضيق من البلل وتوقفت في بار «تشيكوتي» من أجل جرعة شراب عابرة. كان هذا هو ثاني شتاء تتعرض فيه مدريد المحاصرة للقذائف الجوية، وهناك نقص في كل شيء، بما في ذلك التبغ وصبر الناس، ويشعر المرء بالجوع دائما، ويمكن له أن يضيق فجأة وبلا سبب من الأشياء التي لا يملك أي شيء إزاءها مثل الطقس. كان يتعين علي أن أذهب إلى البيت، كان على مبعدة خمسة شوارع فحسب، ولكني حين رأيت باب تشيكوتي جال بخاطري أن أتناول شرابا سريعا ثم أسير تلك الشوارع الخمسة عبر «الجران فيا» فوق الطين ومخلفات الطرق التي حطمتها الغارات الجوية.
كان المكان مزدحما، ولا يمكنك أن تدنو من البار، والموائد مشغولة، والجو يعبق بدخان السجائر، والغناء، والرجال في البزة العسكرية، ورائحة المعاطف الجلدية المبللة. وكانوا يتناولون الأشربة عبر جمهرة بلغت ثلاثة صفوف أمام البار.
وعثر نادل أعرفه على مقعد خال وجذبه إلى مائدة جلست إليها مع ألماني رفيع أبيض الوجه بارز الحنجرة، أعرفه لأنه يعمل في الرقابة، وشخصين آخرين لا أعرفهما. وكانت المائدة في وسط القاعة، على يمينك حين تدخل.
ولم يكن بوسعك أن تسمع نفسك حين تتكلم من صخب الغناء، وطلبت كأسا من «الجين» ممزوجا بشراب «الأنجوستورا» كيما أخفف من إحساسي بالبلل من المطر. كان المكان مكتظا حقا، وجو من المرح البالغ يلف الجميع، ربما مرح زائد عن الحد بسبب المشروب الكحولي القطلوني الذي تم صنعه حديثا، والذي كان معظمهم يحتسونه. ولطمني اثنان من الناس لا أعرفهما على ظهري، وحين قالت الفتاة الجالسة إلى مائدتنا شيئا لي لم أسمع ما تقول، فأجبت: بالطبع. والآن حين توقفت عن التطلع من حولي وبدأت أتطلع إلى مائدتنا وجدت أن الفتاة مريعة المنظر، مريعة المنظر حقا. واتضح حين أتى النادل أن ما سألتني إياه هو أنها طلبت مشروبا، ولم يكن يبدو على الرجل الذي معها أي نشاط أو قوة، ولكنها هي التي كانت قوية بالقدر الذي يكفيهما معا. كان لها ذلك الوجه القوي نصف الكلاسيكي، يشبه في تكوينه وجه مروضي الأسود؛ وبدا على الولد الذي معها أنه كان يتعين عليه أن يرتدي ربطة عنق مدرسية قديمة. لكنه لم يكن يرتدي رباط عنق، كان يرتدي معطفا جلديا مثله مثل بقيتنا. غير أن معطفه لم يكن مبللا؛ لأنهما كانا في البار قبل أن يهطل المطر. وكانت هي ترتدي معطفا جلديا أيضا، وكان يليق بمواصفات وجهها.
Halaman tidak diketahui