ويبدو عاملا الحركة العظيمان في الحيوانات، وهما اللذة والألم، رسما ابتدائيا في العالم النباتي.
فالنبات يبتعد عن الألم ويبحث عن اللذة عندما يضايقه الظلام، فيتغلب على عوائق كثيرة ليجد شعاع الشمس الذي يحتاج إليه والذي تقوم عليه هناءته.
وتقترن حوادث الحاسية هذه بحوادث أخرى من ذات المرتبة كتلك المنازعات الابتدائية في سبيل البقاء التي تشاهد حول جذور بعض الأشجار، كالكستناء مثلا حين تسير بعيدا لتنازع النباتات الأخرى في التراب ما هو ضروري لها من المواد الغذائية.
وقد ابتدعت كلمة «التروبية»
2
للدلالة على تحويل هذه الظواهر إلى أفعال آلية في زمن كان العلم يقيم فيه حواجز بين المادة والحياة، غير أن تلك الكلمة تدل على معلول لا على علة.
وبين هذه الحواجز التي أقامها العلم في أوائله كانت تظهر الفروق التي أوجبها الخيال في البداءة بين الحيوان والإنسان، واليوم تزول شيئا فشيئا.
والمساواة بين الإنسان والحيوان تامة من حيث الحياة العضوية، وتتم جميع وظائف الحياة الفزيولوجية كالدورة الدموية والهضم والتنفس، إلخ، لدى أحقر ذوات الثدي كما تتم لدى الإنسان.
أجل، إن الفرق بين الإنسان والحيوان كبير في منطقة المشاعر والأهواء، غير أنه ليس بعيد المدى، وما يسير الإنسان من غيرة وحقد وحب وأهواء أخرى يوجه الحيوان أيضا.
والحياة العقلية وحدها هي الفارق بين الحيوان والإنسان، والمسافة بينهما في منطقة الحياة العليا هذه هي من الاتساع ما يفسر به اعتقاد الإنسان أنه موضع خلق خاص. •••
Halaman tidak diketahui