حوادث الحياة وأشكال الذكاء المجهولة
ليس للتاريخ أن يعنى ببنية الموجودات التي يسجل أعمالها، ومع ذلك فإن من المفيد أن تبين باختصار طبيعة معارفنا عن حوادث الحياة والفكر التي يشتق منها جميع الأفعال البشرية وتفسيرها.
ومن العادة ألا تدرس ظواهر الحياة إلا في الحيوانات والنباتات، كأن المولد المعدني يبقى خارج دائرة الحياة.
وما كان هذا التمييز ليستمر بفضل تقدم العلم.
ألفت الحياة من جملة ترديدات يعد بعضها - كالحاسية - مشتركا بين جميع الموجودات من الحجر حتى البشر، على حين لا يشاهد بعض آخر منها - كالفكر - في غير الموجودات العليا.
والحاسية هي أبسط حوادث الحياة وأعمها، فهي موجودة في كل مادة، وقد أثبتت الملاحظات الدقيقة أن الأجسام البالغة الصلابة الفاقدة الحس ظاهرا، كقضيب الفولاذ مثلا، تردد بفعل ارتفاع الحر جزءا من مليون درجة، أي الحرارة التي تحدثها شمعة موضوعة على مسافة عشرة آلاف متر.
وحاسية المادة هي نتيجة ملاءمة سريعة لتقلبات البيئة التي تحيط بها، فعين الجسم يكتسب تحت مختلف تقلبات البيئة شكلا مائعا أو غازيا أو بلوريا أو غرويا ليلائم العوامل الخارجية.
وكذلك يمكن أن تعد مظهرا حيويا للمادة حركة الجزيئات المركبة منها الذرات التي تؤلفها، فكل ذرة تتألف مع صغرها الذي لا حد له من جزيئات تدور حول مركز كما تدور السيارات حول الشمس، وتلوح القطعة المؤلفة من صخرة غير متغيرة، وهي كذلك في مجموعها لوقت معين في الحقيقة، ولكن لا من حيث الأجزاء التي تتركب منها ما دامت تتأثر بأدنى تقلبات الجو.
1 •••
ويعرض العالم النباتي في الحال الابتدائية - وهو أعلى من العالم المعدني ببعض الترددات - حوادث يتجلى تركيبها في العالم الحيواني فقط، وهذا الاختلاف في الدرجة هو أصل الفرق بين العالم المعدني والعالم الحي.
Halaman tidak diketahui