شرح القصيدة الدالية للكلوذاني
شرح القصيدة الدالية للكلوذاني
Penerbit
دار ابن الجوزي
Nombor Edisi
الأولى
Tahun Penerbitan
١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م
Genre-genre
ومتباينةً في دلالتها على الصفات، فيصح أن تقول: العليمُ غير الحكيم، والعزيزُ غير القدير، والسميعُ غير البصير، وذلك بالنظر إلى اختلاف معاني هذه الأسماء.
وقوله: «مَا مِنْ عَالِمٍ إِلاَّ بِعِلْمٍ مُرْتَدِ» «مُرْتَدِ» كأنَّه أخذها من الرِّدَاء، أي: متصِفٌ بالعلمِ، فالعلمُ صفةٌ قائِمَةٌ بالله ﷿، فلا يُعقَل أن يوجد عالِمٌ بلا علمٍ، فكل مَن وُصِف بأنه عالِمٌ أو عليمٌ فلا بد وأن يكون العلمُ صفةً له قائمة به.
وبهذا يُعلم أن أسماء الله ﷿ ليست أعلامًا محضةً، كما هو مقتضى قول المعتزلة من أن أسماء الله أعلامٌ محضةٌ لا تدل على معانٍ، بل الصحيح أنها أعلامٌ وصفاتٌ، فـ «الرحمن» عَلَمٌ على الرَّبِّ، وهو أيضًا صفةٌ له ﷾.
ونظير هذا أسماء الرسول ﷺ فإنها أعلامٌ وصفاتٌ فاسمه ﷺ «محمَّد» ليس كاسم «محمَّد» من سائر الناس، فأسماء الناس هي أعلامٌ فقط، لا تدل على صفة، أما اسم الرسول ﷺ «محمَّد» فإنَّه عَلَمٌ على شخصه ﷺ، ودالٌ على كثرة محامِدِه وكثرة ما يُحمد، فـ «محمَّد» اسمٌ مفعولٌ من حُمِّد، وهكذا اسمه «أحمد» هو أفعل تفضيل من الحمد، فهو ﷺ أحمدُ من غيره، أي أكثر حمدًا لله ﷿ من غيره، وأكثر من غيره حَمْدًَا، يعني: حَظُّهُ من حَمْدِ النَّاس له أكثر من غيرِهِ.
فاسمه «أحمد» قيل: إنَّه مشتقٌ من حُمِد، وقيل: مشتقٌ من حَمِد، وكلا المعنيين صحيحٌ في حقِّه ﷺ (١).
(١) ينظر: «جلاء الأفهام» لابن القيم (ص ٢٧٧ وما بعدها)، فقد أطال في الكلام على هذه المسألة بكلامٍ جميلٍ، فليرجع إليه.
1 / 78