فضل رب البرية في شرح الدرر البهية
فضل رب البرية في شرح الدرر البهية
Genre-genre
و(الماء طاهر) أي ليس بنجس و(مطهر) أي مجزئ في الطهارة الشرعية من رفع حدث وإزالة نجس وغيرهما كالأغسال المندوبة، فلك أن تتطهر به وتتوضأ به، كما قال ﵇ للمرأة حين سألته عن ثوبها الذي أصابه دم حيض، قال: «واقرصيه بالماء» (١) أي نظفيه بالماء.
وكقوله للصحابة: «أهريقوا عليه ذنوبًا من ماء» حين بال الأعرابي في المسجد (٢).
وأصل ذلك قول الله ﵎: ﴿وأنزلنا من السماء ماء طهورًا﴾
قال ثعلب - وهو أحد أئمة اللغة -: الطَّهور: هو الطاهر بنفسه المطهر لغيره، وكذا قال الأزهري ﵀ صاحب كتاب «تهذيب اللغة».
وقال تعالى: ﴿وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به﴾.
وقال: ﴿فلم تجدوا ماء فتيمموا﴾.
وقال ﷺ: «الماء طَهور لا ينجسه شيء» (٣).
وقد جاءت أحاديث كثيرة أمر فيها النبي ﷺ بتطهير النجاسات بالماء، وستأتي إن شاء الله.
ونقل ابن رشد الإجماع على أن الماء طاهر مطهر (٤).
وقال المؤلف ﵀: (لا يُخْرِجُهُ عن الوَصْفَيْن)
أي لا يَخرُج الماء عن كونه طاهرًا في نفسه - وهذا الوصف الأول - ومطهرًا لغيره - وهذا الوصف الثاني.
قال: (إلا ما غَيَّرَ ريحَهُ أو لَوْنَهُ أو طَعْمَهُ من النجاساتِ)
_________
(١). أخرجه البخاري (٢٢٧)، ومسلم (٢٩١) عن أسماء بنت أبي بكر الصديق ﵄.
(٢) أخرجه البخاري (٦١٢٨) عن أبي هريرة ﵁.
(٣) أخرجه أحمد (١٧/ ٣٥٩ - الرسالة)، وأبو داود (٦٦)، والترمذي (٦٦)، والنسائي (٣٢٦) عن أبي سعيد الخدري ﵁.
(٤) قال ابن رشد في «بداية المجتهد ونهاية المقتصد» (١/ ٢٩): «وأجمع العلماء على أن جميع أنواع المياه طاهرة في نفسها مطهرة لغيرها، إلا ماء البحر، فإن فيه خلافًا في الصدر الأول شاذ».
1 / 12