12

فضل رب البرية في شرح الدرر البهية

فضل رب البرية في شرح الدرر البهية

Genre-genre

و(الماء طاهر) أي ليس بنجس و(مطهر) أي مجزئ في الطهارة الشرعية من رفع حدث وإزالة نجس وغيرهما كالأغسال المندوبة، فلك أن تتطهر به وتتوضأ به، كما قال ﵇ للمرأة حين سألته عن ثوبها الذي أصابه دم حيض، قال: «واقرصيه بالماء» (١) أي نظفيه بالماء. وكقوله للصحابة: «أهريقوا عليه ذنوبًا من ماء» حين بال الأعرابي في المسجد (٢). وأصل ذلك قول الله ﵎: ﴿وأنزلنا من السماء ماء طهورًا﴾ قال ثعلب - وهو أحد أئمة اللغة -: الطَّهور: هو الطاهر بنفسه المطهر لغيره، وكذا قال الأزهري ﵀ صاحب كتاب «تهذيب اللغة». وقال تعالى: ﴿وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به﴾. وقال: ﴿فلم تجدوا ماء فتيمموا﴾. وقال ﷺ: «الماء طَهور لا ينجسه شيء» (٣). وقد جاءت أحاديث كثيرة أمر فيها النبي ﷺ بتطهير النجاسات بالماء، وستأتي إن شاء الله. ونقل ابن رشد الإجماع على أن الماء طاهر مطهر (٤). وقال المؤلف ﵀: (لا يُخْرِجُهُ عن الوَصْفَيْن) أي لا يَخرُج الماء عن كونه طاهرًا في نفسه - وهذا الوصف الأول - ومطهرًا لغيره - وهذا الوصف الثاني. قال: (إلا ما غَيَّرَ ريحَهُ أو لَوْنَهُ أو طَعْمَهُ من النجاساتِ)

(١). أخرجه البخاري (٢٢٧)، ومسلم (٢٩١) عن أسماء بنت أبي بكر الصديق ﵄. (٢) أخرجه البخاري (٦١٢٨) عن أبي هريرة ﵁. (٣) أخرجه أحمد (١٧/ ٣٥٩ - الرسالة)، وأبو داود (٦٦)، والترمذي (٦٦)، والنسائي (٣٢٦) عن أبي سعيد الخدري ﵁. (٤) قال ابن رشد في «بداية المجتهد ونهاية المقتصد» (١/ ٢٩): «وأجمع العلماء على أن جميع أنواع المياه طاهرة في نفسها مطهرة لغيرها، إلا ماء البحر، فإن فيه خلافًا في الصدر الأول شاذ».

1 / 12