ولو أنّ التقليبَ كان على اليمينِ فقط لَوَقَعَ الإنسانُ مِن السريرِ، فحكمةُ الله ﷿ اقتضتْ أنْ يكونَ هذا التقليب ذاتَ اليمينِ، وذاتَ الشّمالِ، هذا هو الإحساسُ بالضّغطِ، وهناك الإحساسُ بالألمِ، يقولُ العلماءُ: "إنّ هناك من ثلاثةٍ إلى خمسةِ ملايين نهايةِ عصبيّةٍ تختصُّ بالألمِ! وأمّا للحرِّ والبرْدِ فهناك نهاياتٌ عَصَبيَّةٌ تزيدُ على مئتي ألفٍ، وأمّا للإحساسِ بالضّغطِ فهناك ما يزيدُ على خمسمئةِ ألفٍ؛ أي نصف مليون!! ".
هذه المعلوماتُ الدقيقةُ من حرٍّ وبرْدٍ، وألَمٍ، وضغطٍ، ولمْسٍ، ينقُلها ستَّةٌ وسبعون عصبًا مركزيًّا إلى المخِّ، وأنت نائمٌ لا تدري! إذا لامسَتْ يدُك شيئًا حارًّا فإنّ استجابةَ اليدِ عن طريقِ سحبِ اليدِ تقِلُّ عن واحدٍ من مئةٍ من الثانيةِ، الشيءُ الخطِرُ لا يستدعِي أن يصلَ الإحساسُ إلى المخُّ، ولكن يكفي أن يصلَ إلى النخاعِ الشوكيِّ، الذي يصدرُ أمرًا بِسَحبِ اليدِ في أقلَّ من واحدٍ في المئةِ من الثانيةِ، وأنت غيرُ منتَبِهٍ، لو أنّ يدَك لامسَتْ شيئًا حارًا، وأنت غيرُ منتبهٍ تسحبُها في استجابةٍ مِثاليّةٍ.
إنّ الإحساسَ بالتوازنِ - وهذا من وظائفِ بعضِ الأعصابِ - يحقّقُه خمسون مفصلًا، ومئتا عظمٍ، ومئتا عضلةٍ، كلّها تُسهِمُ في أن تبقَى واقفًا على قَدَمَيْكَ دونَ اختلالٍ في التوازنِ.
ما زلتُ أذكرُ هذه الآية: ﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفاق وفي أَنفُسِهِمْ حتى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الحق أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ على كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾ [فصلت: ٥٣] .
وفي أنفسِنا آياتٌ لا تنتهي، لو أنّ الإنسانَ صرفَ عمرَهُ كلّه في التدقيقِ في أجهزتِه، وأعضائِه، وعضلاتِه، وأعصابِه لا نقضى العمرُ، ولم تَنْقَضِ هذه الآياتُ الدالّةُ على عظمةِ اللهِ تعالى.
وفي كلِّ شيءٍ له آيةٌ ... تدلُّ على أنّهُ وَاحدُ
الثوابت والمتغيرات في جسم الإنسان