Dhu Nurayn Uthman Ibn Affan
ذو النورين عثمان بن عفان
Genre-genre
ولم ينحسم هذا الخلاف في عهد عمر ولا في عهد عثمان ولا في عهد علي إلى أيام الدولة الأموية، فكان معاوية يأخذ لجند قنسرين بنصيب من فتوح العراق وأذربيجان والموصل والباب، وهكذا كان يحدث في الميادين عامة بين من ظفروا فيها، ثم تحولوا عنها إلى غيرها، وبين من أقاموا فيها ولم يشهدوا فتوحا، ولا ظلم ولا غبن في التقسيم والتقدير، وإنما هي جرائر السعة واشتباك النظم والولايات وكثرة الأمداد التي تنتقل من ميدان إلى ميدان ومن ولاية إلى ولاية، ولنا أن نقول: إنها جرائر الاختلاف من نظام الخلافة إلى نظام الملك، والدولة التي تواجهها كل يوم قضية من قضايا المعيشة مقرونة بقضايا الجهاد، أو قضية بين حالة عاجلة وحالة باقية على مدى الأيام، ولا ينفصل فيها نظام المعيشة ونظام الجهاد كل الانفصال.
وليس بالنادر بين هذه القلاقل أن يخف الجيش لنجدة جيش آخر فلا يصل إلى المكان المحصور أو المهدد إلا بعد الاستغناء عن نجدته، وليس بالنادر أن تتنافس الجيوش بالقادة والسمعة والسابقة؛ فينفس بعضها على بعض أن ينحاز لقيادته وأن يكون أميره تابعا لأمير آخر لم يعرفه قبل ذلك.
ومما اتفق من ذلك أيام عثمان أن حبيب بن مسلمة الذي سبقت الإشارة إليه كتب إلى عثمان يسأله المدد، فكتب عثمان إلى معاوية في الشام يأمره أن يشخص إليه من أهل الشام والجزيرة قوما ممن يرغب في الجهاد، وكتب إلى سعيد بن العاص في الكوفة يأمره بأن يمد حبيبا بجيش عليه سلمان بن ربيعة الباهلي، فسار سلمان في ستة آلاف من أهل الكوفة ولم يصل إلى حبيب إلا بعد فراغ حبيب من حملته الظافرة على الموريان.
ولقد كان كلاهما - حبيب وسلمان - من أشجع القواد وأخبرهم بفنون القتال، وكان كل منهما «غزاء» معروف السابقة في ساحات الجزيرة والشام، فلما أراد سلمان أن يلي إمارة الجيشين أبى عليه حبيب ذلك، ودخل جند القائدين في المنافسة، وقال أهل الشام لنضربن سلمان: إن أبى إلا الرئاسة علينا؛ فأجابهم أوس بن مغراء من جند سلمان بشعر يقول فيه:
فإن تضربوا سلمان نضرب حبيبكم
وإن ترحلوا نحو ابن عفان فارحلوا
1
وإن تقسطوا فالثغر ثغر أميرنا
وهذا أمير في الكتائب مقبل
ونحن ولاة الثغر كنا حماته
Halaman tidak diketahui