ثم دعاه الشغف بالجارية الى أن خلا معها نوبة ثانية كالأولى فى الإطالة فوقف من الأمور أكثر مما كان، وتأمل الصورة فرأى الخلل قد استمر، فأحضر شكر الخادم وتقدم اليه بأخذ الجارية وتغريقها فأخذها شكر وراعى ما عرفه من شدة وجده بها فاستبقاها ولم يحدث حدثا فى بابها. فلما مضت على ذلك أيام قال له:
- «يا شكر لقد عجلنا على تلك الجارية وكان التثبت أولى.» فقال: «يا مولاي قد والله تثبت فى أمرها خوفا من ندمك على ذهابها فاستبقيتها.» قال: «فردها الى موضعها.» فردها وعاود عضد الدولة الخلوة بها والانقطاع إليها وعاد الخلل الى حاله السالفة، فاستدعى شكرا وأمره بتغريقها وقال:
- «ما يساوى طاعة النفس فى شهوتها ترك الدنيا وإفساد سياستها.» فغرقت ومضت الى حال سبيلها.
هذه الحكاية وجدناها فى كتاب التاريخ كما سطرناها وهي حكاية مستفاضة قد سمعناها مختلفة النسبة الى عدة ملوك والله أعلم بالصحيح [1] .
وكان ضبطه لداره أشد ضبط ونظره فى أمر الصغير من أمر الخزائن والمطابخ والاقامات [66] والوظائف مثل نظره الى الكبير من أمور الممالك، فلا يطلق درهما فى غير وجهه، ولا يمنع أحدا مما يستحقه.
تدبيره لجنده
فأما ما ذكر فى أمر تدبيره لجنده فقد كانت أموالهم مطلقة فى أوقاتها
Halaman 56