ابن أخت ملك فرنسا.» وكان اسم الملك كارلومانيو،
24
فلما قدم إلى سورية واستولى عليها بقي الأمير اليديبس ابن أخته في مدينة أنطاكية فرزقه الله ولدا سماه أغاتون. وأغاتون ولد له يوحنا، فتأدب يوحنا بالعلوم الروحية والتفاسير الإنجيلية ومهر في السريانية، وسلك طريق النسك والعفة وأقيم بطريركا على هذه الأمة.» وأما لقب مارون بالسرومي فهو من انتسابه إلى سروم؛ قرية كبيرة بالسويدية قريبة من أنطاكية، كانت موطن أبيه أغاتون أو إقطاعا له، فلما شب يوحنا ترهب في دير مارمارون عند العاصي، فغلب عليه اسم يوحنا مارون، وقد تلقى العلوم اللاهوتية والرياضية في أنطاكية أولا، ثم في دير القديس مارون، وسار بعد ذلك إلى القسطنطينية ودرس لغة اليونانيين وفنونهم. وكان ليوحنا أخت تزوجت
25
فرزقت ولدين؛ وهما: إبراهيم، وقورش. وكان إبراهيم شجاعا سديد الرأي حسن التدبير، فلما علم يوحنا بوفاة أبيه عاد إلى وطنه فأقام ابن أخته إبراهيم على أمور البيت يدبرها، وذهب بقورش إلى دير القديس مارون على نهر العاصي، وتمنطق هناك بمنطقة النسك والعفاف، وصنف كتبا كثيرة وغلب عليه اسم يوحنا مارون.
ولما وقع الشقاق بين الأمم الشرقية، وحدث الخلاف في أمر مذاهبهم اجتمع أوجان البرنس مع سائر الفرنج المقيمين بمدينة أنطاكية، ورأوا أن يختاروا رجلا بارا عالما ليقيموه مطرانا ينتمي إلى كنيسة رومة. وبعد البحث والتروي وقع اختيارهم على يوحنا مارون، فأحضروه حينئذ لدى الكردينال الذي هو رسول بابا رومية، فجعلوه أسقفا على البترون وجبل لبنان وسواحل البحر؛ ليقوم على حفظ الناس ويضبطهم في طاعة الحبر الروماني، ويعصمهم من تعاليم أصحاب المقالة اليعقوبية معلما بسر المشيئتين خلافا للروم الذين سموا بعد ذلك ملكية، وكان ذلك في أيام قسطنطين اللحياني نحو السنة 676، فاستمال إليه كثيرين من القائلين بالطبيعة والمشيئة الواحدة، ونشر عقيدته في جبل لبنان وفي غير لبنان من الأنحاء بين القدس الشريف وبلاد الأرمن. وقد سعى في تعزيز أتباعه وتأييد حالتهم السياسية؛ فأقام ابن أخته إبراهيم الذي سبق ذكره أميرا على البلاد، فساس هذا الأمير الناس سياسة المقتدر ووسع نطاق ملكه، كما أثبت ذلك بعض المؤرخين من الروم؛ حيث قيل: «إنه في السنة الثامنة والتاسعة من ملك قسطنطين اللحياني، دخل المردة إلى جبل لبنان وملكوا جميع ما هو من جبل موروس إلى بيت المقدس، واستولوا أيضا على أعالي لبنان، وفي مدة وجيزة انضم إليهم كثيرون من الأسرى والأغراب والعبيد حتى أنافوا على ألوف عديدة، وكان لأميرهم في أيام السلم اثنا عشر ألف جندي يطوف بهم بلاد العرب والفرس من غير جزع،
26
وأما قورش فزهد في دنياه منقطعا إلى الدين ناهجا نهج خاله وتتلمذ له. ولما توفي خاله خلفه على الكرسي الأنطاكي مثبتا من الحبر الروماني.»
أما يوحنا مارون - وقد كثرت في أيامه البدع واشتد التحزب الديني - أتى طرابلس وتحدث مع وكيل الباب في ذلك، فأقنعه الوكيل بأن يسافر معه إلى رومية؛ فاقتنع وسافر كلاهما إلى رومية، وكان البابا يومئذ سرجيس
27
Halaman tidak diketahui