Daulah Umayyah di Syam
الدولة الأموية في الشام
Genre-genre
السبب الثالث:
هو تخلي الحسين عن اليمن والحجاز وبهما أنصاره الحقيقيون وشيعة أبيه القوية المخلصة، وامتازت اليمن ببعدها عن مركز الخلافة ومناعة حصونها وكثرة شعابها، فكان بوسع الحسين أن يبث دعاته في الأقطار وهو آمن مطمئن، فإن فشل في حملته الأولى تلافى أغلاطه في الحملة الثانية، وهكذا كان بإمكانه المطاولة ولديه الوقت الكافي لإثارة الخواطر ضد المغتصبين، فذكر له ذلك ابن عباس فقال: «... فإن أبيت إلا أن تخرج فسر إلى اليمن، فإن بها حصونا وشعابا، وهي أرض عريضة طويلة ولأبيك بها شيعة، وأنت عن الناس في عزلة فتكتب إلى الناس وترسل وتبث دعاتك، فإني أرجو أن يأتيك عند ذلك الذي تحب في عافية.»
40
السبب الرابع:
هو تشجيع ابن الزبير للحسين من طرف خفي على الرحيل إلى العراق كيما يتخلص منه، فإنه استهوى الحجازيين وتمكنت محبته من قلوبهم، فما عادوا ليهتموا بابن الزبير أو يجتمعوا حوله ويستمعوا له، والبرهان على ذلك أنه لما نزل الحسين إلى مكة أقبل أهلها يختلفون إليه مع جميع المعتمرين والحجاج من آهل الآفاق، فعلم حق العلم أن الحجازيين لا يبايعونه ولا يتابعونه في طلب للخلافة، والجهاد من أجلها، ما دام الحسين زعيما في البلد الحرام، فكان يرسل رسله له ليقنعوه بأن الكوفيين هما مادة حزبه ونسيج قوته، ويظهر أن هذه الدعوى كان لها أثرها في نفس الحسين، ولطالما نشط ابن الزبير لئن يظهر بمظهر المخلص له خيفة أن يتهمه بالنفاق وخشية أن يفسد عليه تدابيره، فصرح له مرة: «أما لو كان لي بها (العراق) مثل شيعتك ما عدلت بها ... أما إنك لو أقمت بالحجاز ثم أردت هذا الأمر هنا ما خولف عليك إن شاء الله.»
41
وقال له أيضا: «لو أقمت بهذا الحرم وبثثت رسلك في البلاد وكتبت إلى شيعتك بالعراق أن يقدموا عليك، فإذا قوي أمرك نفيت عمال يزيد عن هذا البلد، وعلي لك المكاتفة والمؤازرة، وإن عملت بمشورتي طلبت هذا الأمر بهذا الحرم، فإنه مجمع أهل الآفاق ومورد أهل الأقطار ولم يعدمك بإذن الله إدراك ما تريد ورجوت أن تناله.»
42
وكان المسور بن مخرمة يحذر الحسين من ابن الزبير ودعواه في تفاني الكوفيين في محبته فقال له: «إياك أن تغتر بكتب أهل العراق، وبقول ابن الزبير لك الحق بهم فإنهم ناصروك، إياك أن تبرح الحرم، فإنهم إن كانت لهم بك حاجة فسيضربون آباط الإبل حتى يوافوك فتخرج في قوة وعدة.»
43
Halaman tidak diketahui