وبعد وفاته، استقل محمد بالمنطقة الشمالية، واستقل سعود بالخرج والأفلاج (١)، وبقي عبد الله وعبد الرحمن في الرياض. وبانقسامهم ضعفت حكومتهم، وتمرد العربان، وخرجت كل قبيلة عن حدودها، تسطو وتنهب، بعد أن كانت في عهد الإمام فيصل لا تستطيع فعل شيء من ذلك (٢) .
فكان الصراع على الحكم محتدمًا بين أبنائه، الأمر الذي أشعل نار الحرب، فصارت حروب أهلية بينهم، أشغلت كل من كانت له حمية دينية، وغيرة على دماء المسلمين، كان في مقدمة أولئك، الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن، رحمة الله عليه.
وكان الأمير عبد الله الفيصل، قد خلف أباه بعد وفاته، غير أن أخاه سعودًا خرج عليه، وغادر الرياض متجهًا شطر القبائل سنة (١٢٨٣هـ)، باحثًا عن الأنصار يحارب بهم أخاه عبد الله، فألفى من قبائل العجمان (٣) وبني خالد (٤) عونًا ونصرًا، وكان فيصل قد قضى على نفوذهم في الإحساء، ونهضوا لمساعدته، ومقصدهم استرداد
_________
(١) الأفلاج: موضع باليمامة، بين العارض ومطلع الشمس، تصب فيه أودية العارض، وتنتهي إليه سيولها. وهي أربعة فراسخ طولًا وعرضًا، مستديرة.
انظر: معجم البلدان، ١/٢٣٢، ٤/٢٧١. جزيرة العرب في القرن العشرين، ص٥٣. الرس، لعبد الله الرشيد، ص٦٧.
(٢) انظر المرجع السابق، نفس الصفحة.
(٣) العجمان: قبيلة تنتسب إلى مذكر بن يام بن أصبا بن رافع بن مالك بن جشم بن حبران بن نوف بن همدان، هاجروا من نجران إلى جهات الإحساء، ثم ارتحلوا ونزلوا الصبيحية، الماء المعروف بقرب الكويت، منازلهم في جوار بني خالد، اعتبارً من الطف إلى القير. وكانت هذه القبيلة قد أظهرت التمرد والعصيان على الإمام فيصل، وذلك سنة (١٢٧٦هـ) . انظر: قلب الجزيرة، ص١٩٠. جزيرة العرب في القرن العشرين، ص٨٢. معجم قبائل العرب، ٢/٧٥٨-٧٥٩. تحفة المستفيد، ص١٥٦.
(٤) بنو خالد: من أقدم القبائل العربية، منازلها على ساحل الخليج العربي، ما بين وادي المقطع في الشمال، ومقاطعة البياض في الجنوب. قلب الجزيرة، ص١٥٤-١٥٥. جزيرة العرب في القرن العشرين، ص٤٢. معجم قبائل العرب، ١/٣٢٧.
1 / 46