الخصوص، وهم يحاولون تكريه المسلم بكتب الفقه الإسلامي كما يكرِّهُ السفسطائي الناس بالعسل حين يقول لهم عنه أنه خرء الذباب. فقد اتهم الكفار الفقه الإسلامي بأنه متأثر بالفقه الروماني العتيق، وأن الفقه الإسلامي يعانى من مشكلات العصر وضعفه أمام التحديات؛ فالكافر ما زال في محاولاته أن يضع الفقه الإسلامي في إطار أسود حتى يُعرض عنه المسلمون.
واعلم أخى، أنه إذا أعْرَضَ المسلمون عن الفقه، فقد أعرضوا عن معرفة أحكام الإسلام، ووقعوا في الجهل في دين الله لا محالة. وهذا ما حصل بالفعل. ولم يكتف الكافر بهذا النجاح الثاني، بل يحاول أن يضع صياغات منهحية عقلانية أو آرائية ومصلحية لاستنباطات الفقهاء وتأصيل القواعد عند علماء الأُصول، وهذه هى المحاولة الثالثة بعد الغزو لبلاد المسلمين، ومحاولة التعريض بالفقه الإسلامي. لهذا كان لا بُدَّ من التَّصَدِّي لهذا الهجوم الفكري والثقافي، بِحَثِّ المسلمين على الإقبال على دراسة الفقه من منابعه الصافية، بطريقة الدرس المركز في حلقاته وبين أيدي علماء مخلصين واعين وتحتَ أفواههم. وذلك بأن تكون الدراسة في أمهات كتب الفقه المعتبرة.
ومنها الكتاب الذي هو موضوع دراستنا إن شاء الله، وغيرهُ كثيرٌ، على أن تُخَرَّجَ بطريقة علمية رصينة تحافظ على المضمون الفكري والرأي المذهبي المعين بوصفه أمانة علمية قابلة لإنماء العقلية الإسلامية المعاصرة بطريقة صحيحة لا بطريقة أهل الجرأة على دين الله من المارقين الجاهلين وغير الواعين. وكذلك لا بطريقة الجامدين على الرأي المذهبي مع توفر الدليل الأقوى والاستدلال الأرجح في المسألة؛ وإنما المقصودُ أن يتوصل إلى الرأي الصواب بطريقة الاجتهاد الصحيح عند من هو أهلٌ له.
1 / 19